وهو القائل : « أكرم الناس عليّ جليسي ، وان الذباب يقع على جليسي فيؤذيني ، وإني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاثاً فلا يُرى عليه أثر من بري » (١).
وبهذه المثلثات الثلاث نكتفي عن الإطناب في سرد ما ورد في وصف أخلاقه ، وسوف يصادفنا فيما نقرأ من فصول سيرته شواهد على ذلك كثيرة.
وكيف لا يكون في حسن أخلاقه مثلاً أعلى وهو القائل : « انّ الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد ، وان الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل » (٢).
وعن طاووس قال : « كنا عند ابن عباس ، قال : وكان سعيد بن جبير يكتب ، قال : فقيل لابن عباس : إنهم يكتبون ، قال : أيكتبون ؟ ثم قام ، وكان حسن الخُلُق ، قال : ولولا حسن خُلقه لغيّر بأشد من القيام » (٣). وأنا مهما شككت في صحة هذا الخبر ودلالته على المنع من التدوين ـ لأن ابن عباس كان ممن يرى تدوين الحديث وهو نفسه قد كان يحمل معه ألواحه ويجلس على باب الأنصاري ليسمع منه ويكتب عنه. كما سيأتي توثيق ذلك في تاريخه العلمي ـ فلا اشك في دلالته على حسن خلقه ، ولولا حسن خلقه لغيّر بأشد من القيام على حد تعبير طاووس.
قال الجاحظ في رسالة نفي التشبيه : « ولو لم يعرف ذلك إلّا بعبد الله بن العباس وحده كان ذلك كافياً ، وبرهاناً شافياً ، فان الأعجوبة فيه أرث على كل
_______________________
(١) ربيع الأبرار ١ / ٢٨٩.
(٢) ربيع الأبرار ١ / ورقة ١٥٠ نسخة السماوي ، ١ / ٤٩ ط بغداد.
(٣) المعرفة والتاريخ ١ / ٥٢٧.