إِنَّ أَوَّلَ أَمْرِهِ غُلَامٌ مِنَ الرُّومِ أُعْطِيَ مُلْكاً فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ سَاحِلَ أَرْضِ مِصْرَ ، فَابْتَنَى عِنْدَهُ مَدِينَةً يُقَالُ لَهَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةُ
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهِ إِيَّاهَا أَتَاهُ مَلَكٌ فَعَرَجَ بِهِ فَوَقَّفَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : انْظُرْ مَا تَحْتَكَ! قَالَ : أَرَى مَدِينَتِي وَأَرَى مَدَائِنَ مَعَهَا ثُمَّ عَرَجَ بِهِ فَقَالَ : انْظُرْ مَا تَحْتَكَ ، قَالَ : أَرَى مَدِينَتِي قَدِ اخْتَلَطَتْ مَعَ الْمَدَائِنِ فَلَا أَعْرِفُهَا.
ثُمَّ زَادَ فَقَالَ : انْظُرْ فَقَالَ : أَرَى مَدِينَتِي وَحْدَهَا لَمْ أَرَ مَعَهَا غَيْرَهَا ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ إِنَّمَا تَمْلِكُ الْأَرْضَ كُلَّهَا ، وَالَّذِي تَرَى مُحِيطاً بِهَا هُوَ الْبَحْرُ وَإِنَّمَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى بِذَلِكَ أَنْ يُرِيكَ الْأَرْضَ ، وَقَدْ جَعَلَكَ سُلْطَاناً ، وَسَوْفَ يَعْلَمُ الْجَاهِلُ وَيَثْبُتُ الْعَالِمُ.
فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ ، ثُمَّ سَارَ حَتَّى بَلَغَ مَطْلَعَ الشَّمْسِ ، ثُمَّ أَتَى السَّدَّيْنِ وَهُمَا جَبَلَانِ لَيِّنَانِ يَزْلِقُ عَنْهُمَا كُلُّ شَيْءٍ فَبَنَى السَّدَّ » ـ الْحَدِيثَ.
قوله ( فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى ) [ ٢٠ / ٥١ ] أي ما حال الأمم الماضية وشأنهم في السعادة والشقاوة. والْقَرْنُ : أهل زمان واحد. قال شاعرهم :
إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم |
|
وخلفت في قرن فأنت غريب |
وقيل : هو مدة أغلب أعمار الناس وهو سبعون سنة ، وقيل ثمانون.
وقيل ثلاثون سنة.
وقيل : الْقَرْنُ أهل عصر فيه نبي أو فائق في العلم قل أو كثر.
واشتقاقه من قَرْنٍ ، لِاقْتِرَانِهِمْ برهة من الزمان.
قوله ( إِنَ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ ) [ ٢٨ / ٧٦ ] الآية ، قَارُونُ : اسم أعجمي يضرب به المثل في الغنى ، كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ مُوسَى عليهالسلام ، وَكَانَ أَقْرَأَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِلتَّوْرَاةِ وَلَمَّا جَاوَزَ بِهِمْ مُوسَى الْبَحْرَ وَصَارَتِ الرِّئَاسَةُ لِهَروُنَ ، وَجَدَ قَارُونُ فِي نَفْسِهِ شَيْئاً ، ( فَبَغى عَلَيْهِمْ ) وقد تقدم في ( خسف ) قصته مع موسى عليهالسلام.
قوله ( مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ ) [ ١٤ / ٤٩ ] هو من قرنت الشيء بالشيء : وصلته ، وقَرَّنْتُ الأسارى في الحبال ، شدد للتكثير.
قوله ( وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) [ ٤٣ / ١٣ ]