عنيف يريد إلقاء الحجّة وما عنده من دليل ، فمضى كذلك من غير وصول إلى سبيل.
إنّ المترجم اختار الصنف الأخير ، ألا وهو رفع العظماء وتولّى النقاش وطرح المعارضات ...
إنّ الاختلاف الموجود إذا حمل على عاتق الفقاهة فإنّ لكلّ فقيه رأيه ودليله ، ... أمّا إذا كان تقليدا للآخرين فلا يعتدّ بقوله ، لأنّه لا يعدّ من عداد العلماء ولا من صفوف الفقهاء ...
إنّ الفرقة الناجية الاثنى عشريّة تحدّد مرحلة من له أهليّة الإفتاء : بأن لا يقلّد فقيها مثله فضلا عن غيره ، وإنّما يتّبع الدليل الّذي عند الفقيه .. بدليل أنّه يخالفه في مسائل لم يقتنع بدليله وإنّما بدليل آخر ..
وقوله عليهالسلام : « من أصغى لناطق فقد عبده » إن كان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان ينطق عن الشيطان فقد عبده.
وليس خفيّ عليك ـ أيّها المتأمّل ـ أنّ الدلالة في الرواية صريحة بالنظر في الدليل ... والروايات كثيرة في هذا المقام لا يسعنا تفصيلها لضيق المقال. الحاصل من ذلك : أنّ الفقيه لا يكون في جميع مقالاته ناطقا عن الله على الإطلاق ... بل يكون كذلك إذا رجع لأهل العصمة عليهمالسلام في جميع ما جاء به ، فلا يتصوّر في حقّ غيرهم عليهمالسلام العصمة لكي يسلم بجميع ما جاء عنه ...
إنّ السبب الداعي لاتّباع المتأخّرين للعلّامة قدسسره هو تلمذتهم على يده أو على يد من وافقه في رأيه ، أو لأسباب قد ذكرها العلّامة المجلسي في كتابه « روضة المتّقين » بعد الإشارة لتقسيمهم الأحاديث وعدم اعتبار صحّة جميع ما في « الفقيه » قائلا :
والّذي بعث المتأخّرين ـ نوّر الله مرقدهم ـ على العدول عن متعارف القدماء ووضع ذلك الاصطلاح الجديد هو : أنّه لمّا طالت الأزمنة بينهم وبين الصدر السالف وآل الحال إلى اندراس بعض كتب الاصول المعتمدة لتسلّط حكّام الجور والضلال والخوف من إظهارها واستنساخها ، وانضمّ إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من كتب الاصول في الاصول المشهورة في هذا الزمان والتبست الأحاديث المأخوذة من