الحسن بن عليّ عليهماالسلام ولو صحّ الخبران جميعا لكان الواجب الأخذ بقول الأخير ، كما أمر به الصادق عليهالسلام وذلك أنّ الأخبار لها وجوه ومعان وكلّ إمام أعلم بزمانه وأحكامه من غيره من الناس (١) انتهى كلامه.
ومن جملتها أنّه ـ بعد أن نقل حديثا في باب الوصيّ يمنع الوارث ـ قال : ما وجدت هذا الحديث إلّا في كتاب محمّد بن يعقوب الكليني (٢) وما رويته إلّا من طريقه ، حدّثني به غير واحد منهم محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رضى الله عنه عن محمّد ابن يعقوب (٣) انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
لأنّا نجيب عن الأوّل بأنّه ليس قوله : « ولو صحّ الخبران » صريحا في عدم صحّة الخبر الّذي في الكافي ، لاحتمال أن يكون قصده الإشارة إلى القاعدة الكلّية المذكورة في كلامهم عليهمالسلام في باب الخبرين المتعارضين ، فإنّ تلك العبارة مذكورة هناك ولاحتمال أن يكون قصده نفي تساويهما في الصحّة ، فإنّ من المعلوم أنّ خطّ المعصوم أصحّ من النقل بوسائط ، وبعد التنزّل عن المقامين نقول : ربّما يكون محمّد ابن بابويه عند تكلّمه بهذا الكلام غافلا عمّا ذكره محمّد بن يعقوب في أوائل كتابه. *
______________________________________________________
* لا يخفى ما في جواب الشهيد الثاني رحمهالله وجواب المصنّف.
أمّا الأوّل : فلأنّه مترتّب على القطع بصحّة خبر الكافي ، وحصول التنافي والتضادّ بين كلام الإمامين لا يجوز في العقل في غير التقيّة ، على أنّ إثبات أحاديث التقيّة في الاصول الّتي يدّعي المصنّف تدوينها وعرضها بأمرهم عليهمالسلام في نهاية البعد ، لأنّ احتمال التقيّة لو أمكن في بعض الموارد لا يكون غالبا إلّا عند جواب الإمام عليهالسلام حتّى يبعد من الإمام عليهالسلام عدم تنبيه السامع من أصحابه عليه لئلّا يلزم إغراؤه بالجهل ، لأنّه يحكم بصحّة مضمون ما سمعه ويعمل به ، وأمّا تدوين حديث التقيّة من أصحاب الأئمّة الموثوق بهم في اصولهم فأيّ ضرورة داعية إليه؟ ولم ينتهوا عليه ، لأن تلك الاصول مصونة ومحفوظة عن ظهورها لغير أهلها ، فكيف يجوز لهم إثبات غير دين الأئمّة فيها من غير إشارة إلى ذلك ، ويعلمون أنّ من بعدهم لا يفرقون بين أحاديثها ويأخذون الجميع على ظواهرها ، والمقصد والباعث على جمع الحديث وتدوينه ليتمّ دين الأئمّة عليهمالسلام
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٢٠٣ ، ح ٥٤٧٢.
(٢) الكافي ٧ : ٦٩.
(٣) الفقيه : ٤ / ٢٢٢ ، ح ٥٥٢٦.