ولأنّا نجيب عن الثاني بأنّ عدم وجدانه لا يدلّ على عدم وجوده في الاصول المعتمدة.
______________________________________________________
دين الحقّ في كلّ زمان ، فهل تدليس وإغراء أعظم من ذلك؟ ولو أمكن ذلك لعلّة من العلل على خلاف ما يقتضيه العقل فلا يكون إلّا نادرا ، والحال أنّ أكثر الاختلاف لا يحملونه إلّا على التقيّة وكان ردّه بالضعف أولى. ومع ظهور الصحّة المصطلحة إن كان هناك ترجيح رجع إليه ، وإلّا يجري فيه ما نقلوه عن الأئمّة عليهمالسلام عند ذلك.
وأمّا الثاني (١) : فضعف الاحتمالين في جوابه ظاهر ، وما ذكره من التنزّل فهو جار على عادته من نسبة الغفلة والذهول لغيره وتنزيه نفسه عن ذلك. والّذي يظهر أنّ أسباب الغفلة والذهول عن حقائق الامور أقرب إليه رحمهالله من غيره ، وأثر ذلك ظاهر لا يحتاج بيانا. وقد أشرنا سابقا إلى أنّه لا مجال لإنكار وجود الضعيف في الكتب المشهورة ، لشدّة الاختلاف بينها (٢) على وجه يحيل العقل أنّها كلّها صحيحة يحصل القطع بأنّها ثابتة عن الأئمّة عليهمالسلام لأنّهم صرّحوا بأنّه لا يجوز الاختلاف في المتواتر ، وعلّة ذلك أنّه مفيد للعلم ، فما الفرق إذا حكمنا بأن الكتب الأربعة كذلك؟
وممّا يؤكّد ذلك مخالفة بعضهم في فتواهم لما أورده من الحديث ، وهو من الشيخ رحمهالله كثير ، ففي بعضها يردّه بضعف روايته بأنّه فاسد المذهب لا يعوّل على روايته ، وبعضها أنّ ما تضمّنه مخالف للإجماع وغير ذلك.
ومن جملة ما يؤكّد الضعف في بعض الأحاديث أن محمّد بن سنان قد تكثّرت روايته في أغلب الأحكام ، وغيره من أمثاله أيضا كثير ، وقال الفضل بن شاذان في بعض كتبه : إنّ من الكذّابين المشهورين بالكذب ابن سنان وليس بعبد الله ، ودفع أيّوب بن نوح إلى حمدويه دفترا من أحاديث محمّد بن سنان فقال : إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا ، فإنّي كتبت عن محمّد بن سنان ، ولكن لا أروي لكم عنه شيئا فإنّه قال قبل موته : كلّ ما حدّثتكم به لم يكن لي سماعا ولا رواية وإنّما وجدته (٣). ونقل عنه أيضا أشياء رديئة (٤). وقد ذكر الأصحاب جملة ممّن كان يروي عن الضعفاء وإن كان هو ثقة في نفسه.
__________________
(١) يعني جواب المصنّف.
(٢) في الأصل : بينهما.
(٣) الكشّي : ٥٠٦ ، ح ٩٧٧ ، و ٥٠٧ ، ٩٧٩.
(٤) في الأصل : رويه ، والظاهر ما أثبتناه.