ومنها : أن تكون مطابقة لظاهر القرآن إمّا لظاهره أو عمومه أو دليل خطابه أو فحواه ، فكلّ هذه القرائن توجب العلم وتخرج الخبر من حيّز الآحاد وتدخله في باب المعلوم.
ومنها : أن تكون مطابقة للسنّة المقطوع بها إمّا صريحا أو دليلا أو فحوى أو عموما.
ومنها : أن تكون مطابقة لما أجمع المسلمون عليه.
ومنها : أن تكون مطابقة لما أجمعت عليه الفرقة المحقّة ، فإنّ جميع هذه القرائن تخرج الخبر من حيّز الآحاد وتدخله في باب المعلوم وتوجب العمل به.
وأمّا القسم الآخر ، فهو كلّ خبر لا يكون متواترا ويتعرّى من واحدة من هذه القرائن فإنّ ذلك خبر واحد ويجوز العمل به على شروط ، فإذا كان خبرا لا يعارضه
______________________________________________________
الواحد الّذي ليس معه قرينة وتعليله ذلك بأنّ إجماعهم فيه معصوم يدلّ على الاعتراف بأنّهم كانوا يعملون بخبر الواحد وإن لم يحصل منه العلم ، لأنّ الفرض أنّه مجرّد عن القرائن الّتي تحصل معها العلم. وعرف أيضا أنّه معترف بأنّ سبب اختلاف العلماء المتقدّمين اختلاف الأخبار ، وأنّ ما أثبته في كتابيه من تلك الأخبار المختلفة ، فلو كانت الأخبار كلّها من زمن الأئمّة عليهمالسلام إلى زمان الشيخ ومن بعده ثابتة منقولة من اصول محقّقة معلوما ثبوتها عن الأئمّة عليهمالسلام لا يتطرّق إليها الكذب ـ كما يتوهّمه المصنّف ـ وأنّ ما في الكتب الأربعة كلّها محقّقة الثبوت والصحّة ، ما جاز من الشيخ هذا الكلام الصريح في خلاف ذلك في مواضع عديدة لا يحصل الاشتباه ولا التأويل ، وما جاز أيضا أن يردّ أحد من العلماء المتقدّمين والمتأخّرين حديثا من هذه الأحاديث ، ولا أن لا يعمل بها بعد أن يعلم صحّتها ويقطع بذلك. وكيف يجوز فيه الاختلاف؟ ولم يجعلوا علّة ذلك إلّا إفادته العلم ، فإذا كانت الأخبار المنقولة عن الاصول ـ على دعوى المصنّف ـ كلّها تفيد العلم فكيف جاز فيها الاختلاف دون غيرها ممّا يفيد العلم.
والمصنّف معظم كتابه قد صرفه في هذه الدعاوى وتكرارها وبنى أساسه في خطائه عليها ، وقد حار (١) في ترفيعها وتشييدها والفساد يتظاهر من جوانبها من كلّ ناحية.
__________________
(١) نسخة هامش الحجريّة : جاز. وكلاهما غير واضح المعنى.