فائدة
قد علمت أنّه من الواضحات البيّنات في صدور الّذين تتبّعوا كتب الرجال وكتب الأحاديث وفهرست اصول أصحابنا لا سيّما ، كتاب الكشّي وفهرست الشيخ وفهرست النجاشي وفهرست محمّد بن شهرآشوب المازندراني وأوّل الاستبصار وآخر كتابي الأخبار لرئيس الطائفة وكتاب العدّة له وكلام علم الهدى وكلام المحقّق الحلّي في المعتبر وفي كتاب الاصول وكلام محمّد بن إدريس الحلّي في آخر السرائر وكلام ابن بابويه في أوّل كتاب من لا يحضره الفقيه وكلام الإمام ثقة الإسلام في أوّل كتاب الكافي وكلام الشهيد الثاني في شرح رسالته في دراية الحديث وكلام صاحب كتابي المعالم والمنتقى وكلام صاحب كتاب مشرق الشمسين فيه وفي رسالته الوجيزة في فنّ دراية الحديث بل كلام العلّامة الحلّي في كتاب
______________________________________________________
بالرجال وتمييز العدل من المجروح والثقة من الضعيف والفرق بين من يعتمد على حديثه وبين من لا يعتمد ، وكونهم إذا اختلفوا في خبر نظروا في سنده ، وفرق بين الثقة وغيره ، وأنّ الطائفة لو لم يعوّلوا على ذلك لما كان في اعتناء أصحاب كتب الرجال بذلك فائدة. وهذا الكلام صريح أنّ الخبر لا يخلو من أحد الأقسام الأربعة الّتي قسّموها وإن لم يدوّنوا كلّ قسم على حدته في ذلك الوقت ، وهذا الأمر مشهور معروف من زمن الكشّي وابن عقدة وابن الغضائري وغيرهم ، فنسبة العلّامة رحمهالله إلى إحداثه افتراء عليه لو كان فيه محذور ، فكيف! وربّما أنّه يدّعي أنّه من قبيل الواجب للغاية المترتّبة عليه من تمييز ما يعمل به من غيره. ولو لا أنّ المتأخّرين والمتقدّمين لمّا رأوا أحوال الرواة واختلافهم نبّهوا على الصحيح والضعيف من المصنّفين منهم وغيرهم لأشكل الأمر غاية الإشكال ، وذلك لأنّ من جملة المصنّفين الأجلّاء ، مثلا محمّد بن مسعود العيّاشي وحاله معلوم في اتّساعه في الحديث وكتبه كثيرة ، ومع ذلك كان يروي عن الضعفاء كثيرا. وكذلك محمّد بن عمران الأشعري القمّي كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ، وكان محمّد بن الحسن بن الوليد يستثني من روايته ما يرويه عن جماعة متعدّدة. وأمثال ذلك كثير ، فلو لا تقسيم الحديث والتنبيه عليه وبيان الصحيح والضعيف والحسن لاشتبهت الحال وحصل الاختلاف فكان تقسيم الحديث أهمّ مطلوب ومرغوب ، فما فعله العلّامة رحمهالله من أحسن ما يمدح به ويثاب عليه.