النهاية عند تقسيم علماء الإماميّة إلى الأخباريّين والاصوليّين : أنّه كان عند قدمائنا أصحاب الأئمّة عليهمالسلام كتب واصول كانت مرجعهم في عقائدهم وأعمالهم ، وأنّهم كانوا متمكّنين من استعلام أحوال أحاديث تلك الكتب والاصول ومن أخذ الأحكام عنهم عليهمالسلام بطريق القطع واليقين ومن التمييز بين الصحيح وغير الصحيح لو كان فيها غير صحيح.
ومن المعلوم أنّ مثلهم لا يغفل عن هذه الدقيقة ولا يقصّر في رعايتها ، وأنّ عاقلا فاضلا صالحا إذا أراد تأليف كتاب ليكون مرجعا للشيعة في عقائدهم وأعمالهم أو في أحدهما لا يرضى بأن يلفّق بين الأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة من غير نصب علامة تميّز بينهما *.
بل أقول : أرباب التواريخ لا يرضون بأخذ الأخبار من موضع لا يعتمد عليه مع تمكّنهم من موضع يعتمد عليه ، فكيف يظنّ بخيار العلماء والأتقياء والصلحاء خلاف ذلك؟ لا سيّما الإمام ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني ورئيس الطائفة ومحمّد بن عليّ بن بابويه ، وقد علمت وفور القرائن الموجبة للقطع بما هو حكم الله في الواقع أو بورود الحكم عنهم عليهمالسلام في زمن محمّد بن يعقوب الكليني وزمن محمّد بن عليّ بن بابويه وزمن علم الهدى وزمن رئيس الطائفة وزمن محمّد بن إدريس الحلّي وزمن المحقّق الحلّي.
______________________________________________________
* قد أكثر المصنّف رحمهالله من هذه التوجيهات المستغنى عن تكرارها إذا كان ما قدّمه مفيدا ومصحّحا لما يدّعيه ، وكأنّه أراد تطويل الكتاب بذلك ليسمّى مؤلّفا ، وإلّا فلا وجه لهذا التكرار ولا يزيده إلّا خطأ وإيضاحا لعدم صحّة ما يدّعيه ، فإنّ ما عدّده من كتب الرجال لو كانت كتب الاصول الصحيحة الثابتة موجودة والأخذ منها والاطّلاع عليها ممكن ورجالها كلّهم ثقات عدول أو متون تلك الاصول معلوما أنّها كلام الأئمّة عليهمالسلام لما كان لكتب الرجال احتياج ، فالاهتمام بها وتدوينها يفهم أنّ من ذلك الوقت حصل في الأحاديث الاشتباه والالتباس وأنّهم احتاجوا إلى التمييز بينهما بوضع كتب الرجال.
ولو كانت الأحاديث في ذلك الوقت من زمن الأئمّة إلى من بعدهم يمكن معرفة الصحيح