يؤدّي إلى الخطأ لامتناع اجتماع النقيضين ، والحكيم المطلق ـ عزّ شأنه ـ أبى من أن يبني شريعته على ما يؤدّي إلى الخطأ. وقد تمسّك الإمام ثقة الإسلام في أوّل كتاب الكافي بالسند الثالث في إبطال بناء العقائد والأعمال على المقدّمات الجهلية الاستحسانية (١).
لا يقال : هم يزعمونها يقينية. لأنّا نقول : لو كانت يقينية لما أدّت إلى اختلاف أقوالهم في فنّ الكلام وفي اصول الفقه وفي المسائل الفقهية.
______________________________________________________
وإلّا يطرح النقلي ، أمّا الامور الّتي لا يستقلّ بها العقل فلا بدّ من الرجوع فيها إلى الشرع.
وما تمسّك به المصنّف في منع كون المعارف الخمس كسبيّة من ظاهر الأحاديث يجب تأويله ، كما اوّلت آيات القرآن المخالفة لما هو الحقّ ظاهرا ، لأنّه يؤدّي إلى عدم استحقاق الثواب على ذلك إذا لم يكن من فعل العبد ، ويلزم منه أن لا لوم على الكافر إذا لم يحصّل هذه المعارف ، لأنّها ليست في قدرته واختياره ولم يتفضّل عليه بها الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهذا عين أقوال المجبّرة الباطلة عندنا بالاتّفاق.
إذا تقرّر ذلك علم أنّه كلّما أمكن استعلام الحكم الشرعي من الحديث الصحيح فلا معدل عنه ولا يجوز العدول عنه إلى غيره بأيّ وجه حصل ، لأنّ الظنّ لا يعادل العلم ، وذلك ظاهر.
وأمّا إذا لم يوجد طريق للعلم والتكليف ثابت يلزم الرجوع إلى ما يفيده الظنّ الحاصل من القواعد الاجتهادية.
على أنّ السيّد المرتضى قدسسره قال : إنّ القاعدة في التعويل على الظنّ عند عدم تيسّر العلم غير مطّردة ، فإنّ في بعض الأحكام الشرعيّة ما لا سبيل إليه إلّا بالظنّ ، وفي بعضها قد لا يحصل الظنّ الراجح فيها ، ومع هذا حكم الشارع بها ، فجعلوها من قبيل الأسباب والعلل حيث لم يجدوا للظنّ مناسبة بها كالشهادة ودخول الوقت (٢).
والشيخ الطوسي رحمهالله في العدّة في مبحث القياس قال : وأمّا من أحاله ـ أي العمل بالقياس ـ من حيث تعلّق الظنّ الّذي يخطئ ويصيب ، فينتقض قوله بكثير من الأحكام في العقل والشرع تتعلّق بالظنّ. ثمّ قال : ألّا ترى من جهة العقل أنّا نعلم في العقل حسن التجارة عند ظنّ الربح
__________________
(١) الكافي ١ : ٧.
(٢) راجع الذريعة ٢ : ٦٧٨.