أنّهم عليهمالسلام في مدّة طويلة تزيد على ثلاثمائة سنة أظهروا دين جدّهم ـ صلوات الله وسلامه عليه وعليهم ـ عند جمع كثير وجمّ غفير من الأفاضل الثقات المحقّقين يزيدون على خمسة آلاف رجل ، وأمروهم بأن يكتبوا بين أيديهم ما يسمعونه منهم عليهمالسلام لتعمل بها الشيعة ـ لا سيّما في زمن الغيبة الكبرى ـ ولئلّا تحتاج إلى سلوك ما سلكته العامّة من الاستنباطات الظنّيّة ، فألّفوا بأمرهم عليهمالسلام اصولا كثيرة كانت بخطّ تلك الأفاضل الثقات وبإملائهم عليهمالسلام. ومن جملتها : تقريرهم عليهمالسلام في تلك المدّة الطويلة أصحابنا على الاعتماد على تلك الاصول في عقائدهم وأعمالهم بل تصريحهم عليهمالسلام بذلك.
______________________________________________________
الكلام على غير المراد منه وعدم معرفة صحّة الحديث وضعفه ، فكيف يليق من الإمام عليهالسلام إطلاق حكمه للناس في كلّ ما يسألونه عنه؟ ومتى يتيسّر لأحد أن يعلم حكم جميع ما يسأل عنه في زمانهم بطريق العلم والقطع؟ من غير احتياج إلى مراجعتهم عليهمالسلام لو لا توسعة الحال عليهم وعلمهم عليهمالسلام بأنّ حال من أشاروا إليهم بالفضل والمعرفة قابل لمعرفة أحكامهم بالنصّ والاستنباط بحيث لا يخرجون في فتواهم عن اصولهم عليهمالسلام. وإذا جاز هذا الإطلاق في زمانهم لأهل المعرفة والفضل مع إمكان الوصول إليهم عليهمالسلام ولو بالوسائط ، فمع تعذّر ذلك يكون إذنهم لأهل الفضل والورع والاجتهاد الّذي يؤمن معه الوقوع في الخطأ وجهالة محاذير (١) صحّة الأحاديث بالطريق الأولى. والعجب كلّ العجب! من تصوّر المصنّف بطلان الاجتهاد والتقليد وإمكان كلّ مكلّف أن يعلم بنفسه حكم مسألة من الأحاديث بالقطع والجزم ، والفرض أنّ المجتهد مع علمه ومعرفته واطّلاعه على ما يحتمل فيه الخطأ في الحديث وما لا يحتمل ، هيهات أن يمكنه تحصيل العلم والقطع في بعضها! فكيف الجاهل الّذي لا يعرف دلالة لفظ الحديث وحقيقته من مجازه وفاعله من مفعوله وعامّة من خاصّه وصحيحه من سقيمه ، من أين يعلم أنّ هذا حكم الأئمّة عليهمالسلام وقولهم في كلّ مسألة يريدها؟ وهل يخفى امتناع ذلك على عاقل؟ فكيف يفعل غير المجتهد في الاختلاف الواقع في غالب الأحكام الّتي قد أعجز العلماء العظماء الجمع بينها؟ ومن أين يعرف ترجيح البعض على البعض حتّى يستفيد حكم مسألته بالعلم والقطع؟
__________________
(١) في نسخة : « معاذير » وعلى كلّ منهما لا يستقيم المعنى.