فائدة
قد اشتهر في كتب بعض المتأخّرين من فضلائنا الاصوليّين المتبحّرين ـ كالعلّامة الحلّي ومن وافقه ـ أنّ في زمن الغيبة تنقسم الرعيّة إلى مجتهد ومقلّد ، وأنّه يجب على المقلّد أن يرجع إلى ظنّ المجتهد في المسائل الشرعيّة الّتي ليست من ضروريّات الدين ولا من ضروريّات المذهب ، وأنّ المجتهد المطلق هو الّذي يتمكّن من استنباط كلّ مسألة شرعيّة فرعيّة نظريّة ، وذكروا أنّ ذلك التمكّن إنّما يحصل بأن يعرف مدارك جميع الأحكام الشرعيّة ، وأنّ تلك المعرفة تتحقّق بمعرفة جميع المقدّمات الستّ وهي : الكلام ، والاصول ، والنحو والتصريف ولغة العرب ، وشرائط الأدلّة ، والاصول الأربعة ، وهي : الكتاب والسنّة والإجماع ودليل العقل.
وذكر العالم الربّاني الشهيد الثاني ـ قدّس الله سرّه ـ في بعض كتبه الفقهيّة في مبحث القاضي :
أنّ المعتبر من الكلام : ما يعرف به الله تعالى وما يلزمه من صفات الجلال والإكرام وعدله وحكمته ، ونبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله وعصمته ، وإمامة الأئمّة عليهمالسلام كذلك ، ليحصل الوثوق بخبرهم ويتحقّق الحجّة به ، والتصديق بما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله من أحوال الدنيا والآخرة ، كلّ ذلك بالدليل التفصيلي *. ولا يشترط الزيادة على ذلك بالاطّلاع على
______________________________________________________
* اعترضه المصنّف في حاشية الكتاب فقال ، أقول : هذا ناظر إلى ما في كتب العامّة : من أنّه يجب كفاية أن يكون في كلّ قطر من الأقطار رجل عالم بتلك الامور ليندفع شبهة الملاحدة وغيرهم من القواعد الدينيّة. ولي فيه نظر ، وهو أنّه من بنى دينه ومذهبه على مقدّمات يقينيّة له