للسببية ، ولا يقدح فيه تخلّف المسبّب عنه لفقد الشرط ، كما لا يقدح تخلّفه عنه لوجود المانع فإذا وجد الشرط أو زال المانع عمل السبب عمله. ومثله القول في وجوب الوضوء بالحدث الأصغر الواقع قبل التكليف لو حضر وقت عبادة مشروطة به بعده (١) انتهى كلامه رحمهالله.
وأنا أقول : تحقيق المقام أنّ الخطاب الوارد من الشارع بعض أقسامه يتعلّق أوّلا وبالذات بالمكلّف ما دام هو مكلّفا ، أي ما دام عاقلا بالغا غير غافل عن الخطاب وهو الخطاب الاقتضائي والتخييري. وبعض أقسامه يتعلّق أوّلا وبالذات بفعله وبفعل البهائم كما إذا جنت بهيمة على زرع أو إنسان ، وبفعل الصبيّ والمجنون كما إذا أتلفا مال الغير ، وبغير الفعل كجعل زوال الشمس سببا لوجوب صلاة الظهر وهو الخطاب الوضعي *.
ثمّ اعلم أنّ بعض أصحاب الاصوليّين زعم أنّ خطاب الشارع كلّه متعلّق بأفعال الكاملين الغير الغافلين عنه ما داموا غير غافلين عنه (٢). والحقّ ما اخترناه من تعلّق بعضه أوّلا وبالذات بنفس المكلّف ، وبعضه بفعله وبفعل غيره ، وبعضه بأمر ثالث كزوال الشمس.
ثمّ هنا مقام آخر ، وهو أنّ الخطاب الاقتضائي الندبي هل يتعلّق بالصبيّ المميّز أيضا أم لا؟ والمشهور بين القوم الثاني والمستفاد من كلامهم عليهمالسلام الأوّل.
[ ففي باب وصيّة الصبيّ والمحجور عليه : عن العبدي ، عن الحسن بن راشد ، عن العسكري عليهالسلام قال : إذا بلغ الغلام سبع سنين فجائز أمره في ماله وقد وجب عليه الفرائض والحدود وإذا تمّ للجارية سبع سنين فكذلك (٣).
وعن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : إذا بلغ الغلام ثلاث عشر سنة كتبت
______________________________________________________
* تعلّق الخطاب بفعل البهيمة لا وجه له ، لأنّه سبب لتعلّق الخطاب بفعل المكلّف في أداء حقّ جنايتها ، وذلك ليس من باب خطاب الوضع ، لأنّه بمنزلة من أتلف مال غيره بآلة أو بسبب خارج ، والتقصير في حفظ البهيمة بمنزلة ذلك ، لأنّه يرجع إلى فعله ومسبّب عنه.
__________________
(١) تمهيد القواعد : ٣١.
(٢) لم نقف على زاعمه.
(٣) التهذيب ٩ : ١٨٣ ، ح ١١ ، وفيه : ثمان سنين.