وذكر في كتاب تهذيب الاصول : الحادثة إن نزلت بالمجتهد في نفسه عمل على ما أدّاه اجتهاده إليه ، فإن تساوت الأمارات تخيّر أو عاد إلى الاجتهاد. وإن تعلّقت بغيره وكان ممّا يجري فيه الصلح كالمال اصطلحا أو ترافعا إلى حاكم يفصل بينهما ، ولا يجوز الرجوع بعد الحكم. وإن لم يجر فيه الصلح كالطلاق بصيغة يعتقدها أحدهما دون الآخر رجعا إلى حاكم غيرهما ، سواء كان صاحب الواقعة مجتهدا أو حاكما أو لا ، إذ ليس للحاكم أن يحكم لنفسه على غيره بل ينصب من قبله من يقضي بينهما.
وإن نزلت بالمقلّد رجع إلى المفتي ، فإن تعدّد رجع إلى ما اتّفقوا عليه ، فإن اختلفوا عمل بالأعلم الأزهد ، فإن تساويا تخيّر. وإن حكم بوقوع الخلع ثلاثا فسخا
______________________________________________________
فيه غير مأثوم والمصنّف يعتمد كلام المحقّق ، فكيف يدّعي أنّ كلّ مسألة يوجد عليها دليل قطعيّ من الحديث ويبطل الاجتهاد ، ويزعم أنّ صاحبه آثم ، ويخصّ العلّامة بالاعتراض عليه والتشنيع في ذلك. وكذلك أيضا المصنّف يعتمد كلام الأخ الشيخ حسن ـ قدّس الله روحه ـ لظنّه موافقة اعتقاده في بعض الموادّ ، وفي المعالم في فصل الأخبار بعد ذكره الأدلّة على العمل بخبر الواحد قال : الرابع أنّ باب العلم القطعي بالأحكام الشرعيّة الّتي لم تعلم بالضرورة من الدّين أو من مذهب أهل البيت عليهمالسلام في نحو زماننا منسدّ قطعا ، إذ الموجود من أدلّتها لا تفيد إلّا الظنّ ، لفقد السنّة المتواترة وانقطاع طريق الاطّلاع على الإجماع من غير جهة النقل بخبر الواحد ووضوح كون البراءة الأصليّة لا تفيد غير الظنّ وكون الكتاب ظنّيّ الدلالة ، وإذا تحقّق انسداد باب العلم في حكم شرعيّ كان التكليف فيه بالظنّ قطعا ، والعقل قاض بأنّ الظنّ إذا كان له جهات متعدّدة تتفاوت بالقوّة والضعف فالعدول منها عن القويّ إلى الضعيف قبيح ، ولا ريب أنّ كثيرا من أخبار الآحاد يحصل بها من الظنّ ما لا يحصل بشيء من سائر الأدلّة فيجب تقديم العمل بها (١) انتهى كلامه رفع الله مقامه.
إذا تبيّن هذا علم أنّ كلام المحقّقين على طرف النقيض لما يعتقده : من أنّ أحكام الشرع كلّها تستفاد بالقطع من الأحاديث ويحصل العلم بها ، مع اعتقاده فيهما التحقيق ، ومع ذلك يتجاهل عمّا لا يوافق وهمه الفاسد!
__________________
(١) معالم الدين : ١٩٢.