يتّقون ، ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بينة.
وقال أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ : جاءهم نبيّه صلىاللهعليهوآله بنسخة ما في الصحف الاولى ، وتصديق الّذي بين يديه ، وتفصيل الحلال من ريب الحرام ، وذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم ، فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون ، فلو سألتموني عنه ، لأخبرتكم عنه لأنّي أعلمكم.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله في حجّة الوداع في مسجد الخيف : إنّي فرطكم وأنّكم واردون عليّ الحوض ، حوض عرضه ما بين بصرة وصنعاء فيه قدحان من فضّة عدد النجوم ، ألا وإنّي سائلكم عن الثقلين. قالوا : يا رسول الله وما الثقلان؟ قال : كتاب الله الثقل الأكبر طرف بيد الله وطرف بأيديكم ، فتمسّكوا به لن تضلّوا ولن تزلّوا ، و [ الثقل الأصغر ] (١) عترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كإصبعي هاتين ( وجمع بين سبّابتيه ) ولا أقول كهاتين ( وجمع بين سبّابته والوسطى ) فتفضل هذه على هذه ، فالقرآن عظيم قدره جليل خطره بيّن ذكره ، من تمسّك به هدي ومن تولّى عنه ضلّ وزلّ ، فأفضل ما عمل به القرآن ، لقول الله عزوجل لنبيّه صلىاللهعليهوآله : ( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ) (٢) وقال : ( وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) (٣) ففرض الله عزوجل على نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يبيّن للناس ما في القرآن من الأحكام والقوانين [ والفرائض ] (٤) والسنن ، وفرض على الناس التفقّه والتعليم والتعلّم والعمل بما فيه حتّى لا يسع أحدا جهله ولا يعذر في تركه. ونحن ذاكرون ومخبرون بما انتهى إلينا.
ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الّذين فرض الله طاعتهم وأوجب ولايتهم ولا يقبل العمل إلّا بهم ، وهم الّذين وصفهم الله تعالى وفرض سؤالهم والأخذ منهم وقال : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٥) فعلمهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وهم الّذين
__________________
(١) أثبتناه من المصدر.
(٢) النحل : ٨٩.
(٣) النحل : ٤٤.
(٤) من المصدر.
(٥) النحل : ٤٣.