قال الله تعالى في كتابه وخاطبهم في قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا ـ القرآن ـ لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا ـ أنتم يا معشر الأئمّة ـ شُهَداءَ عَلَى النّاسِ ) (١) فرسول الله صلىاللهعليهوآله شهيد عليهم وهم شهداء على الناس ، فالعلم عندهم والقرآن معهم ، ودين الله الّذي ارتضاه لأنبيائه وملائكته ورسله منهم يقتبس ، وهو قول أمير المؤمنين عليهالسلام : ألا إنّ العلم الّذي هبط به آدم عليهالسلام من السماء إلى الأرض وجميع ما فضّلت به النبيّون إلى خاتم النبيّين عندي وعند عترة خاتم النبيّين ، فأين يتاه بكم بل أين تذهبون.
وقال ـ أيضا ـ أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبة : ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله أنّه قال : إنّي وأهل بيتي مطهّرون ، فلا تسبقوهم فتضلّوا ، ولا تتخلّفوا عنهم فتزلّوا ، ولا تخالفوهم فتجهلوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ، هم أعلم الناس كبارا وأحلم الناس صغارا ، فاتّبعوا الحقّ وأهله حيث كان.
ففي الّذي ذكرنا من عظيم خطر القرآن وعلم الأئمّة عليهمالسلام كفاية لمن شرح الله صدره ونوّر قلبه وهداه لإيمانه ومنّ عليه بدينه وبالله نستعين وعليه نتوكّل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فالقرآن منه ناسخ ومنه منسوخ ، ومنه محكم ومنه متشابه ، ومنه خاصّ ومنه عامّ ، ومنه تقديم ومنه تأخير ، ومنه منقطع ومنه معطوف ، ومنه حرف مكان حرف ، ومنه على خلاف ما أنزل الله عزوجل ، ومنه لفظه عامّ ومعناه خاصّ ، ومنه لفظه خاصّ ومعناه عامّ ، ومنه آيات بعضها في سورة وتمامها في سورة اخرى ، ومنه ما تأويله في تنزيله ، ومنه ما تأويله مع تنزيله ، ومنه ما تأويله قبل تنزيله ، ومنه ما تأويله بعد تنزيله ، ومنه رخصة إطلاق بعد الحظر ، ومنه رخصة صاحبها [ فيها ] (٢) بالخيار إن شاء فعل وإن شاء ترك ، ومنه رخصة [ ظاهرها ] (٣) خلاف باطنها يعمل
__________________
(١) الحج : ٧٧ ـ ٧٨.
(٢) أثبتناه من المصدر.
(٣) من المصدر.