وعليكم السلام بتقديم الخبر ، لعدم التفاوت بين التقديم والتأخير ، ولما تقدّم في الرواية المذكورة في مجمع البيان والكشّاف والبيضاويّ وكذا بالتنكير والتعريف وسلامي وسلام الله ونحو ذلك على الظاهر ، وأنّ الأفضليّة تحصل بضمّ ورحمة الله وبركاته مع عدمها في الأوّل ، وأنّ الإنسان مخيّر في الردّ بينهما بظاهر الآية وغيره ، ولكن خصّص الأحسن بالمسلم ، فما قيل إنّ معنى الآية أنّ الأحسن للمسلم ، والمثل للكافر الكتابيّ خلاف ظاهر الآية ، والأصل عدم وجوب العوض بأحسن ، فكلاهما في المسلم يجوز ، والأحسن حسن ، وفي الكتابيّ يمكن المثل لما تقدّم من الروايتين مع احتمال تخصيص الأمر بالمسلم ، فلا يجب ردّ الكتابيّ أيضا كالحربيّ لعدم حسن التحيّة عليهم ، بل يجب البغض وعدم المحبّة لمن حارب الله ورسوله وينبغي تتبّع ما في الرواية مثل وعليك ، فتأمّل.
ثمّ إنّه ذكر البعض أنّ السلام على المصلّي مستحبّ وليس بمكروه كأنّه للعموم وأنّه إذا سلّم عليه يجب الردّ ، ولو ترك يمكن أن يبطل صلاته إن كان وقت السلام مشغولا بذكر من أذكار الصلاة كالقراءة ، فإنّ ذلك حرام لفوريّة الجواب فيكون كلاما أجنبيّا منهيّا ، والنهي في العبادة مبطل لها كما ثبت في الأصول وأنت تعلم عدم صراحة العموم ، ولهذا قيل بالكراهة في الخلاء والحمّام للعاري وعلى تقديره فالوجوب حينئذ مقدّما على أفعال الصلاة ممنوع ، لوجوب الموالاة في القراءة فلا فوريّة (١) وعلى تقدير وجوبه قد يكون مساويا مخيّرا بينه وبين الموالاة ، وعلى تقدير الرجحان فتحريم الكلام فرع أنّ الأمر بالشيء مستلزم للنهي عن ضدّه الخاصّ وقد حقّقناه في موضعه ، ثمّ إنّه على تقدير ذلك ينبغي أن يكون النهي شاملا للأفعال أيضا كالأذكار إذا منعت من الرّواح إلى أن يردّ إذا سلّم وذهب فيبطل الصلاة مطلقا إلّا إذا علم عدم إمكان ردّه ، ولم يشتغل قبله بشيء ينافيه ، إلّا أن يقال لا يجب الذهاب إلى أن يردّ وتبطل ، فلو تعارضا سقط وجوب
__________________
(١) في النسخ ، مثلا فورية ، والظاهر أنه تصحيف.