الدّعابة لكثرة تواضعه ، وقالوا : إنّه كان فينا كأحدنا في زمان خلافته ويمشي في سوق الكوفة وينادي خلّوا سبيل المؤمن المجاهد في سبيل الله ولأنّه الّذي ثبت محبّة الله له أي إرادة الله له بالهدي والتوفيق في الدّنيا لما يحبّ ويرضى ، وحسن الثواب في الآخرة ومحبّته لله أي إرادة طاعته جميعها والتحرّز عن معاصيه كلّها.
ويؤيّده ما روي من محبّة الله تعالى ورسوله له ومحبّته لله وللرسول في خبر الراية قال الإمام نور الدين عليّ بن محمّد المكّيّ المالكيّ في كتابه فصول المهمّة في معرفة الأئمّة هذه عبارته :
فصل في محبّة الله تعالى ورسوله له وذلك أنّه صحّ النقل في كثير من الأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله قال يوم خيبر : لأعطينّ الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله فبات الناس يخوضون ليلتهم أيّهم يعطاها فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله كلّ منهم يرجو أن يعطاها فقال صلىاللهعليهوآله : أين عليّ بن أبي طالب؟ فقيل يا رسول الله! هو أرمد فقال فأرسلوا إليه فأتي به فبصق في عينيه ودعا له فبرأ حتّى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية ، فقال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله أقاتل حتّى يكونوا مثلنا؟ قال صلىاللهعليهوآله : أنفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ثمّ ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. قال فمضى ففتح الله على يده.
وفي صحيح مسلم قال عمر بن الخطّاب فما أحببت الامارة إلّا يومئذ فتساورت لها رجاء أن ادعى لها ، قالت العلماء قوله «فتساورت لها» بالسين المهملة أي تطاولت لها وحرصت عليها حتّى أبديت وجهي وتصدّيت لذلك ليتذكّرني قالوا إنّما كانت محبّة عمر لها لما دلّت عليه من محبّة الله تعالى ورسوله ومحبّتهما له والفتح على يديه ، قاله الشيخ عبد الله اليافعي (١) في كتابه المرهم انتهى كلامه.
__________________
(١) الشافعي خ واليافعي هو أبو السعادات عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليمنى نزيل الحرمين ، له تأليفات كثيرة في التصوف وأصول الدين والتفسير وغير ذلك توفى بمكة سنة ١٦٨ ودفن بباب المصلي إلى جنب الفضيل بن عياض