يصدق عليه وأنّه خرج أقلّ من ذلك بالإجماع وبقي ما فوقه تحت الآية ولكن يدلّ على أنّ الأقلّ أيضا مثل بريد يوجب ذلك بعض الروايات الصحيحة (١) ولكن الظاهر أنّه ما قال به أحد ، وحملها على التخيير حينئذ البعض ، والبعض الآخر على عدم نيّة الإقامة ، وعلى قصد الرجوع في يومه أو ليلته فيصير بريدان في يوم ولكن تدلّ رواية صحيحة (٢) على وجوب القصر على أهل مكّة بالخروج إلى عرفة بحيث يبعّد كلّ المذكورات.
وأيضا ظاهر الآية أنّ مجرّد الخروج إلى السفر وصدق الضرب سبب للقصر ولكن حدّده أكثر الأصحاب بالوصول إلى موضع لا يسمع الأذان ولا يرى الجدران أو أحدهما وقال البعض بمجرّد الخروج عن موضعه ، ولكلّ شاهد من الروايات فتأمّل في تحقيق الحقّ.
ثمّ إنّ ظاهر الآية أيضا أنّ القصر رخصة لا عزيمة ، ولكن مذهب أصحابنا وأبي حنيفة أنّه عزيمة أي واجب معين لا يجزئ غيره ، لا جائز مخير فيه ويدلّ عليه ما روي من طرق العامّة والروايات الصحيحة عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وإجماع الطائفة ، ونفي الجناح لا ينافي ذلك ، مثل وجوب السعي بل يعمّ وإن كان في الجواز أكثر استعمالا إذ لا شكّ في أنّه لا حرج في فعل الواجب.
فإذا دلّت الأخبار من الخاصّة والعامّة عليه ، مثل قول عمر صلاة السفر ركعتان تامّ غير قصر على لسان نبيّكم (٣) وقول عائشة أوّل ما فرضت الصلاة فرضت ركعتين ركعتين في السفر ، وزيدت في الحضر (٤) فالآية تحمل عليه ، ولا شكّ أنّ القصر أحوط وأولى ، ومجمع عليه ، فلا بدّ من المصير إليه.
قال في الكشاف : كأنّهم ألغوا الإتمام ، وكانوا مظنّة لأن يخطر ببالهم أنّ
__________________
(١) راجع الكافي ج ٣ : ٤٣٤.
(٢) الوسائل أبواب صلاة المسافر الباب ٣ الحديث ١.
(٣) أخرجه الشيخ في الخلاف عن عمر ج ١ ص ٢٠٢ وأخرجه في مشكاة المصابيح ، ١١٩ عن ابن عمر وقال : رواه ابن ماجة.
(٤) مشكاة المصابيح : ١١٩ ، الخلاف ج ١ : ٢٠٢ ، سنن ابى داود ج ١ : ٢٧٤.