لأنّها تدلّ على أنّ هذه الأمور مطلقا موجبة لمحو الذنوب ، والثواب الجزيل ففيها دلالة على أنّ العمل فيها لا يقع شكرا بل له أجر وعوض ، وأنّ الذنوب يكفّر بالعمل الصالح ومثلها كثيرة فتأمّل ، كقوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (١) الآية.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢) يمكن أن يستدلّ بها على استحباب المرابطة المصطلحة مع عدم الضرورة ، لعدم القائل ، وعلى الوجوب معها فهي محمولة على المرابطة المصطلحة وهي ربط النفس وحبسها في ثغور الكفّار لدفع من أراد منهم السوء بالمسلمين إن قدروا ، ولإخبار المسلمين حتّى يدفعوهم فيأمنوا من هجومهم كما يدلّ عليه بعض الروايات وقال في مجمع البيان : وروي عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنّه قال معناه اصبروا على المصائب ، وصابروا على عدوّكم ، وقيل معنى رابطوا أي رابطوا الصلاة أي انتظروها واحدة بعد واحدة لأنّ المرابطة لم تكن حينئذ روي ذلك عن عليّ (٣) عليهالسلام ويؤيّده ما روي في انتظار الصلاة بعد الصلاة من الأجر العظيم مثل من جلس في مصلّاه بعد الصلاة إلى وقت صلاة اخرى أنّه ضيف الله فيكرمه ويعطيه ما سأل (٤) قال في مجمع البيان روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه سئل عن أفضل الأعمال فقال : إسباغ الوضوء في السبرات (٥) ونقل الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلك الرباط ثمّ قال وهذه الآية تتضمّن جميع ما يتناوله التكليف لأنّ قوله (اصْبِرُوا) يتناول لزوم العبادات وتجنّب المحرّمات (وَصابِرُوا) يتناول ما يتّصل بالغير كمجاهدة الجنّ والإنس وما هو أعظم منها من جهاد النفس (وَرابِطُوا) يدخل فيه الدفاع عن المسلمين والذبّ عن الدين (وَاتَّقُوا اللهَ) يتناول الانتهاء عن جميع المناهي والزواجر والايتمار بجميع الأوامر ، ثمّ يتبع جميع ذلك الفلاح والنجاح ، وبالله التوفيق.
__________________
(١) الزلزال : ٧.
(٢) آل عمران : ٢٠٠.
(٣) مجمع البيان ج ٢ ص ٥٦٢.
(٤) راجع مستدرك الوسائل ج ٢ ص ٢٤٦.
(٥) السبرات جمع السبرة الغداة الباردة.