أنّه مناف للمعنى الّذي ذكره أوّلا وهو ظاهر ، على أنّه يبعد بل لا يجوز إخراج الآية الّتي هي قطعيّة عن معناها بعد القول بذلك المعنى إلى معنى آخر ، وحملها على المجاز بمثل هذين الخبرين الّذين هما غير معلومي الصحّة ، ولا ظاهري الدلالة ، بحيث يقتضي ترك القاطع بسببهما ، إذ نفي وجوب مثل وجوب الحجّ لا يدلّ على نفي مطلق الوجوب دلالة يقتضي ذلك وكذا كون الإتيان بالعمرة خيرا لا ينفي وجوبها مطلقا وكذا كون الحجّ جهادا ، والعمرة تطوّعا لاحتمال التطوّع وجوبا لا يكون مثل وجوب الجهاد ، مع أنّه لا عموم لهما ، لاحتمال أن يكون المراد عمرة بعد فعل الحجّ مع عمرته مفردا أو قارنا أو متمتّعا ، يعني لا تجب عمرة أخرى غير الّتي لا بدّ منها مع الحجّ مقدّمة أو مؤخّرة ، مع أنّه سلّم معارضتهما بقول ابن عبّاس وعمر.
وبالجملة ترك القرآن القاطع لا يمكن إلّا بقاطع إمّا من حيث المتن أو الدلالة وأمّا الوجوب عن المعارضة بقول ابن عبّاس وعمر مع أنّها غير موجّهة إذ قد يكون ذلك رأيه ، والهداية لسنّة النبيّ صلىاللهعليهوآله لا يستلزم الوجوب وكذا تسليم عمر مكتوبيّته مع أنّها مبيّنة بالسنّة ويجوز كونها باعتقاده وفهمه سنّة ، ولأنّه ليس ممّا يصلح للمعارضة بخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو ظاهر لأنّه يطرح قول عمر عند قوله ، ولأنّه ليس معنى خبر ابن عبّاس أنّهما مقارنان في الذكر أو القارن يقرن بينهما بل أنّهما مقارنان في أحكام الشرع ، وهو ظاهر ، وأيضا ليس أهللت تفسيرا للمكتوب وهو أيضا ظاهر ، فإنّه مرتّب عليه ، ولهذا نقل في بعض النسخ فأهللت. والعجب من القاضي أيضا أنّه سلّم المعارضة حيث قال بوجوب العمرة للآية وأجاب عن الخبر بأنّه معارض حيث قال وما روى جابر عنه صلىاللهعليهوآله قيل : يا رسول الله إلى آخر ما نقلناه معارض بما روي أنّ رجلا إلى آخر خبر عمر ، وأجاب عن كون أهللت تفسيرا بما قلناه من أنّه رتّب الإهلال على الوجدان ، وهو ظاهر.
الحصر والإحصار هو المنع كالصدّ والاصداد ، قال في الصّحاح (١) حصر
__________________
(١) الصحاح ج ٢ : ٦٣٢ وفيه : الحصر بالضم اعتقال البطن تقول منه ، حصر الرجل إلخ.