إلّا في التهذيب (١) فساوى الشهرتان على تقدير كونها شيئا يعتدّ به في الجملة ، وبقي الصّحة مع الكثرة سالمة ، على أنّها (٢) مشتملة على جواز الأكل من الكفّارة للمكفّر ، وهو خلاف الظاهر والمقرّر ، وعلى لفظة «ينبغي» وهو لا ينبغي ، وأيضا ليس فيها لكلّ واحد مدّ كما هو المطلوب وأيضا في الأوّل زيادة فائدة ، وهو التخيير إذا كان «أو» والترتيب إذا كان (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) وأنّ الاولى هو المختار والأولى حينئذ ، فيفهم منه بطلان مذهب من يذهب إلى خلاف ذلك ، كما قيل في كفّارة شهر رمضان ، وخصال كفّارة بدل صيد النعامة ، وهي بدنة ، ومع العجز يقوّم البدنة ، ويفض ثمنها على البرّ ويتصدّق به لكلّ مسكين مدّان ، فلو عجز صام عن كلّ مدّين يوما ، وإن عجز صام ثمانية عشر يوما ، فانّ البعض يقول بالترتيب والبعض بالتخيير ، وكذا في غيرهما من المسائل. وأيضا يمكن الجمع بين الخبرين مع القول بالأوّل بأن يقال : قدر شبع عشرة قد يكون اثني عشر مدّا فيكون التخيير بين عدد المنفقين لا عدد الأمداد ، كما ذكروه وأيضا الأصل والاحتياط مع الأوّل.
بقي هنا شيء وهو أنّ ظاهر الآية ثبوت هذا الحكم في كلّ مرض يرتفع بفعل ما نهي عنه المحرم حال صحّته ، بناء على ما تقدّم من معنى الآية ، وخصّه في مجمع البيان والكشّاف وتفسير القاضي بمرض محوج إلى الحلق ، وقوله تعالى (فَإِذا أَمِنْتُمْ) أي فإذا أمنتم الموانع من العدوّ والمرض وكلّ مانع كذا في مجمع البيان وفي تفسير القاضي والكشّاف أمنتم الإحصار وكنتم في حال أمن وسعة ، وقد فسّر في الكشاف الإحصار بالحبس والمنع المطلق من المرض والعدوّ والخوف ، كما هو مذهب الحنفيّ وفي القاضي بالمنع من العدوّ كما هو مذهب مالك والشافعيّ على ما مرّ وظاهر أنّ الأوّل أولى إلّا أنّ ظاهر البلوغ وأمنتم يأبى عنه ، في الجملة كما أشرنا فيما سبق ، وغير بعيد حملها على وجه يوافق إمّا البلوغ فقد مرّ ، وإمّا
__________________
(١) بل وكذا في الاستبصار ج ٢ ص ١٩٦.
(٢) على أن رواية الثاني خ ل.