عبّاس (١) وهو المشهور بين الأصحاب بل ما رأينا فيه خلافا في كتب الفروع وظاهر الآية خلاف ذلك لعموم «من» واحتمال «لمن اتّقى» غير المعنى المخصّص لذلك المعنى المحقّق عمومه ، مع أنّ الأصل عدم التخصيص وعدم وجوب الوقوف إلى النفر الثاني ، ولذلك نقل هذا المعنى في بعض الروايات (٢) ونسب إلى العامّة.
ونقل أيضا عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى (فَمَنْ تَعَجَّلَ) أي من مات في هذين اليومين فقد كفّر عنه كلّ ذنب (وَمَنْ تَأَخَّرَ) أي من أنسئ أجله (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) بعدها إذا اتّقى الكبائر (٣) ويحتمل غير ذلك أيضا.
وبالجملة الآية عامّة ، وتخصيص الأصحاب غير ظاهر الوجه ، والّذي رأيناه يصلح لذلك رواية محمّد بن المستنير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال من أتى النساء في إحرامه لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل ، وفي الكافي وفي رواية أخرى الصيد أيضا (٤) ورواية حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ. لِمَنِ اتَّقى» الصيد يعني في إحرامه فإن أصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل كذا في التهذيب (٥) وفي الفقيه أيضا بعض الأخبار ، ولكنّها لا تصلح لتخصيص القرآن العزيز القطعيّ لعدم صحّة سندها فانّ محمّد بن المستنير غير معلوم الحال ، وفي الرواية الثانية محمّد بن الحسين المشترك مع عدم العلم بطريق الشيخ إليه ويحيى بن المبارك المجهول وعبد الله بن جبلة الواقفيّ ووجود محمّد بن يحيى الصيرفي قال في الاستبصار إنّه كان عاميّا مع قصور في الدلالة أيضا ، إذ لا دلالة في كلّ واحدة عليهما معا ، ولكن بعد ثبوتهما ذلك هيّن.
والحاصل أنّه لو لم يكن المسألة على قرّرناها إجماعيّة وليس عليها دليلا ـ البصروي هاتين ينبغي أن لا يقال بها بل يقال بظاهر الآية من ثبوت التخيير مطلقا ، والعجب
__________________
(١) راجع مجمع البيان ج ٢ ص ٢٩٩.
(٢) راجع الكافي ج ٤ ص ٥٢١.
(٣) رواه في مجمع البيان مرسلا.
(٤) الكافي ج ٤ ص ٥٢٢.
(٥) التهذيب ج ١ ص ٥٢٤.