رواية حفص الأعور عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا أصاب المحرم الصيد فقولوا له هل أصبت صيدا قبل هذا وأنت محرم؟ فان قال نعم ، فقولوا له إنّ الله منتقم منك فاحذر النقمة ، فإن قال لا ، فاحكموا عليه بجزاء ذلك الصيد (١) ولا يضرّ الجهل بحال حفص ، فتأمّل.
وقد أشار إلى تخصيص الصيد بصيد البرّ بقوله (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) (٢) أي أحلّ ما صيد من البحر أو الاصطياد منه لكم ، وأنتم حرم أو الأعمّ وصيد البحر هو الذي لا يعيش إلّا فيه ، وهو حلال كلّه إلّا ما خرج بدليل ، مثل ما ليس له فلس من السمك بالإجماع والنصّ في الحلّ والحرم للمحلّ والمحرم (وَطَعامُهُ) أي طعام البحر يحتمل أن يكون المراد بالصّيد الاصطياد وهنا أكل ما صيد بالاصطياد والانتفاع به ، أو بالأوّل الجديد ، وبالثّاني اليابس القديد ويؤيّده (مَتاعاً لَكُمْ) تمتّعا لحاضريكم فنصبه لأنّه مفعول له (وَلِلسَّيَّارَةِ) عطف على «لكم» أي ولمسافريكم يتزوّدون قديده كما يأكلون جديده (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ) أي ما صيد أو الاصطياد ، قال القاضي فعلى الأوّل يحرم على المحرم أيضا ما صاده الحلال وإن لم يكن فيه مدخل ، والجمهور على حلّه لقوله عليهالسلام لحم الصيد حلال لكم ما لم تصطادوه أو يصد لكم ، وأصحابنا على التحريم مطلقا لإجماعهم وأخبارهم ، وكذا ما قتله المحرم حرام على الكلّ لأنّه بمنزلة الميّت عند الأكثر فتأمّل (ما دُمْتُمْ حُرُماً) أي محرمين وقد علم أنّ الصيد هو صيد البرّ لا مطلقا فكانت الأولى مجملة بيّنت بقوله (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) وبمفهوم قوله (صَيْدُ الْبَرِّ) للتقييد.
وللصّيد أحكام وتفاصيل في غير هذا المحلّ.
ثمّ أشار إلى التقوى والخوف من الله الّذي إليه المرجع والحشر ، وإلى تعظيم البيت بأنّه البيت الحرام ، وأنّه قيام للنّاس انتعاشا لهم ، وسببا لمعاشهم ومعادهم ، يلوذ به الخائف ، ويأمن فيه الضعيف ، ويربح فيه التجّار ، ويتوجّه
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٨ الحديث ٣ من أبواب كفارات الصيد.
(٢) المائدة : ٩٦.