المفسّرين أنّ المائدة آخر ما نزلت ، فليس شيء منها منسوخا فتأمّل.
وبالجملة الظّاهر تحريم التعرّض لقاصدي البيت الحرام مطلقا إلّا ما خرج بالدّليل ، مثل ما تقدّم ، فالحال المذكورة إمّا لكون الواقع ذلك أو أنّه كذلك في الأكثر ، لا أنّه يجوز التعرّض إذا لم يكن ذلك ، وكذلك إذا كانت جملة (يَبْتَغُونَ) صفة فتأمّل.
نعم إذا وصل الكفّار إلى موضع لا يجوز لهم الدّخول ، يتعرّض لهم بمنعهم عن الدّخول فقط فيكون المنع حينئذ خارجا لدليله ، فتخصّص هذه الآية.
(وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) إذن وإباحة للاصطياد بعد زوال الإحرام المانع منه ، الدالّ على التّحريم بقوله (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) وهذا لا يدلّ على كون الأمر بعد الحظر مطلقا للإباحة والجواز ، لا الوجوب ، لأنّ هذه قد يكون لخصوص المادّة أو للإجماع ونحوه فتأمّل (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) أي لا يحملنّكم أو لا يكسبنّكم شدّة بغض قوم وعداوته ، شنآن بفتح النّون وسكونها مصدر أضيف إلى المفعول أو الفاعل ، والأخير أوضح لقوله (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي لأن صدّوكم عام الحديبية ، وحذف حرف الجرّ قياسا ، وهو علّة للشّنآن وبيان له ، وقرئ بكسر الهمزة على أنّه شرط واغني عن جوابه قوله (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ). وليس المراد الماضي في الجواب أي إن فعلوا بكم في الزمان الماضي كذا ، فأنتم لا تفعلوا في المستقبل بهم كذا (أَنْ تَعْتَدُوا) للانتقام منهم لما فعلوا بكم ، فهو ثاني مفعول يجرمنّكم فإنّه يتعدّى إلى واحد ، وإلى اثنين ككسب.
(وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) أي اعملوا بالعفو ومتابعة الأمر بالإحسان ومخالفة الهوى ، فليعاون بعضكم بعضا على الإحسان ، واجتناب المعاصي وامتثال الأوامر ، ويحتمل أن يكون أمرا بالتّعاون مطلقا من غير أن يكون تتمّة ليجرمنّكم (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) للتشفّي والانتقام ، والظّاهر أنّ المراد الإعانة على المعاصي مع القصد أو على الوجه الّذي يقال عرفا أنه كذلك مثل أن