الكفّار ، ويفهم منه سقوط اعتبارها عند الله ، وفيه إشعار بعدم حسن التّخصيص فيجوز طلبه مطلقا فيمكن إعطاؤهم سوى ما ثبت منعه من الزكاة الواجبة ، ويدلّ عليه الأخبار وما ذكر في باب الوقف والوصايا ، وليس هنا محلّ ذكره ، فإن أردت فارجع إليه ، وتأمّل ، فمنع ابن الجنيد إعطاء غير أهل الحقّ المستفاد من الدروس بعيد.
واعلم أيضا أنّ في الآية الّتي بعدها أعني (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي يقولان ربّنا وقد قرئ به جملة حاليّة أي قائلين وإنّما قدّرنا الفعل لا الصفة تبعا لما قرئ به أي ربّنا أثبنا على هذا البناء إنّك أنت السميع لدعائنا العليم بمصالحنا ، ونيّاتنا أنّ هذا البناء ما كان إلّا لك ، دلالة على كونه مندوبا ومرعوبا عند الفراغ من العبادة كما قاله في مجمع البيان ، فيمكن فهم استحباب التعقيب وغيره من الأدعيّة عند الفراغ من جميع العبادات.
وأيضا في الآية الّتي بعدها أي (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) تنبيه ودلالة على جواز التوبة وطلب قبولها من غير ذنب ، لأنّهما معصومان ، وقد طلبا الاستجابة ودلالة على جواز الدّعاء للمسلم بأن يجعله مسلما أو باعتبار الزيادة كما قاله في الكشاف والمعنى زدنا إخلاصا وإذعانا لك أو باعتبار الاستمرار والاستقبال أي قالا ربّنا واجعلنا مسلمين مستقبل عمرنا كما جعلتنا فيما مضى بأن توفّقنا وتفعل بنا الألطاف الّتي تدعونا إلى الثبات على الإسلام كما قال في مجمع البيان.
ثمّ قال فيه أيضا (١) هو أي الإسلام الانقياد لأمر الله تعالى بالخضوع والإقرار بجميع ما أوجب الله ، وهو أي الإسلام والايمان واحد عندنا ، وعند المعتزلة.
واستدلّ بقوله (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٢) «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٢٠٧.
(٢) آل عمران : ١٩.