ومساعدة الكفّار (وَساءَتْ مَصِيراً) أي بئس المصير مصيرهم ومأويهم.
(إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ) الّذين لا يقدرون على المهاجرة وإظهار الدين (مِنَ الرِّجالِ) العاجزين (وَالنِّساءِ) كذلك (وَالْوِلْدانِ) الأرقّاء منهما لأنّهم عاجزون عنها أو الصغار فإنّهم عاجزون عن السفر لصغر سنّهم ، أو غير البلغ من الذكور ، فيكونون غير مكلّفين ، ويكون إظهار ذلك إشارة إلى أنّ أولادهم غير مكلّفين بالمهاجرة مع عجزهم ، والاستثناء منقطع ، لعدم دخول المستضعفين بالمعنى المتقدّم في (الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي) ولا «في أولئك» لعدم كونهم مكلّفين بالمهاجرة ، لكونهم معذورين وعدم قدرتهم كما بيّن بقوله عزوجل (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً) صفة للمستضعفين لعدم كونهم معيّنين ، وإن كانت في صورة التعريف.
قال في الكشاف : لأنّ الموصوف وإن كان فيه حرف التعريف ، فليس شيء بعينه كقوله «ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني (١)» أو حال عنهم ، واستطاعة الحيلة وجدان أسباب الهجرة ، مثل الغنى والقدرة على السفر ، وما يتوقّف عليه (وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) عطف على ما قبله ، واستهداء السبيل معرفة الطريق والمسلك بنفسه أو بدليل (فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) فهم معذورون ولكن جاء بلفظ عسى كلمة الأطماع ، ولفظ العفو الدالّ على أنّ لهم أيضا ذنبا وأكّده بقوله (وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً) للمبالغة في عدم جواز ترك المهاجرة ، وترك إظهار شعائر الايمان والموافقة مع الكفّار ، حتّى أنّ ذلك موجب للعقاب لمن فعل ذلك عجزا أو خوفا وعدم القدرة على المهاجرة ، وعدم التكليف ، ولكن لهم طمع وتوقّع عفو قطعا لأطماع غيرهم.
فالآية دلّت على أنّ ترك المهاجرة مع القدرة ، كبيرة وأيّ كبيرة ، حين فرض المهاجرة ، واستثنى العاجزين ، ويمكن أن تكون منسوخة بمثل قوله صلىاللهعليهوآله لا هجرة بعد الفتح ، إن كان متواترا ، والأولى جعله مخصّصا لها ومقيّدا ولو قيّدت بفرض الهجرة لا يحتاج إلى شيء ، ولكن تكون مجملة غير مبيّنة إلّا بمنفصل.
__________________
(١) بعده : فمضيت ثمة قلت لا يعنيني.