أولى وكأنّه إلى ذلك أشار ما نقل عن الشهيد قدّس الله سرّه أنّه يجب الفرار من بلد التقيّة إن صحّ بحمل الوجوب على الاستحباب أو على الوجوه المتقدّمة لسبب الوجوب فتذكّر وتأمّل.
ثمّ أشار إلى ثواب المهاجرة في سبيل الله بقوله (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) (١) ومثل قوله (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٢) وكذلك (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٣) والظاهر أنّ كلّ من سافر في طلب أمر لمرضاة الله فهو مهاجر في سبيله ، كما يدلّ عليه بعض الأخبار ، وظاهر الإضافة فليس بمخصوص بالجهاد وبالمهاجرين من بلاد الشرك ، فالسفر لطلب العلم داخل بل أفضل ، وكذا زيارة الأئمّة عليهمالسلام بل الذهاب إلى صلة الرّحم وزيارة الإخوان في الله هو سبيل الله ، ونحو ذلك وهو ظاهر.
قال في الكشّاف : وقالوا كلّ هجرة لغرض دينيّ من طلب علم أو حجّ أو جهاد أو فرار إلى بلد يراد فيه طاعة أو قناعة أو زهد في الدنيا أو ابتغاء رزق طيّب فهي هجرة إلى الله ورسوله ، وإن أدركه الموت في طريقه فأجره على الله.
والظاهر أنّ هذا حقّ وليس بمخصوص بالهجرة في آية (وَمَنْ يَخْرُجْ) بل في جميع الآيات الواقعة في ثواب الهجرة كما أشرنا إليه.
الثالثة: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) (٤).
في الكشّاف معنى الآية أنّ المؤمن إذا لم يتسهّل له العبادة في بلد هو فيه ولم يتمشّ له أمر دينه كما يجب ، فليهاجر عنه إلى بلد يقدّر أنّه فيه أسلم قلبا وأصحّ دينا وأكثر عبادة وأحسن خشوعا ، وعن رسول الله صلىاللهعليهوآله من فرّ بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض ، استوجبت له الجنّة ، وكان رفيق إبراهيم عليهالسلام
__________________
(١) النساء : ١٠٠.
(٢) النحل : ٤١.
(٣) الحج : ٥١.
(٤) العنكبوت : ٥٦.