ويقيم في بلادها من غير إظهار شعائر الإسلام ، ويظهر خلافها على وجهها ، ولهذا ما شرط البعض عدم المندوحة فيما ورد فيه النصّ بخصوصه للتقيّة ، كالكتف وغسل الرجلين نعم لو آل الأمر إلى عدم إظهار الإسلام ، ولزوم إظهار الكفر ، والموافقة معهم في ذمّ الشرع ، ومساعدتهم ، يجب الفرار منهم ، وإن لم يفهم من الآية للعقل والنقل ويمكن فهمه منها أيضا بالقياس.
والحاصل أنّه إذا علم أنّ الكون في بلد حرام لعدم إمكان فعل وقول ما يجب عليه مطلقا ، وليس بمعذور فيه ، وليس ممّا فيه التقيّة ، وليس له بدل بحيث لا يعاقب بالكون ، فيجب الفرار والهجرة إلى محلّ يتمكّن من ذلك ، ولكن إثبات ذلك مشكل لأنّ كلّ واجب مشروط بالإمكان ، وعدم المانع والضرر ، فمع عدم الإمكان ووجودهما لا يجب ذلك الأمر ، بل يكون حراما ، فلا يعلم عدم جواز الكون حينئذ ولهذا يجوز السفر إلى محلّ التيمّم وإلى محلّ يأخذون الأموال بغير اختيار إلّا أنه معلوم في بعض الأمور مثل الكون في محلّ لا يتمكّن فيه من فعل الصلاة مع إمكانها في غير ذلك المحلّ مع القدرة إليه.
وقد يعلم من كلام بعض الأصحاب في تحريم السفر يوم الجمعة بعد الزوال مع وجوبها ، أنّ كلّ ما يوجب لسقوط الواجب فهو حرام ، ويفهم من بعض الأخبار أيضا مثل الرواية المشتملة على أنّه وقع شخص في أرض لم يوجد فيها إلّا الثلج قال عليهالسلام : يتيمّم به ولا يعود إلى مثل هذه الأرض الّتي توبق أهلها ولكن ما قالوه ممنوع بل منقوض والرّواية محلّ التأمّل إذ يجوز التيمّم والذهاب إلى موضع لا يكون فيه الماء للوضوء إلّا أن يقال التيمّم بما يباح أوّلا وبالذات مثل التراب يجوز ، وكذا الذهاب إلى تلك الأرض وإيجاد أسبابه عمدا ، دون ما لا يجوز التيمّم به إلّا اضطرارا مثل الثلج أو تحمل على الاستحباب ولا شكّ أنّ الفرار إن لم يكن له مانع (١) وسبب ، راجح من البلد الّذي لم يتمكّن من إظهار جميع أحكام الإيمان والإسلام فيه ، إلى بلد يمكنه ذلك ، بل لو علم أنّه فيه أولى كما قاله في الكشّاف
__________________
(١) مال خ.