في نفسه من القبيح ممّا لا يظهره لغيره ، والمنكر ما يظهره للنّاس ممّا يجب إنكاره عليهم والبغي ما يتطاول من الظلم لغيره ، وقيل العدل استواء السريرة والعلانية ، والإحسان كون السريرة أحسن من العلانية ، والمنكر أن يكون العلانية أحسن من السريرة (يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) معناه يعظكم الله بما في هذه الآية الشريفة من مكارم الأخلاق أو من الأمر والنهي المميّزين بين الخير والشرّ ، لكي تتّعظوا وتتذكّروا وتتفكّروا وترجعوا إلى الحقّ وتعملوا به وعن ابن مسعود : هذه الآية أجمع آية في كتاب الله.
قال في الكشّاف : العدل هو الواجب والإحسان هو الندب والفاحشة ما جاوز حدود الله ، والمنكر ما ينكره العقول ، والبغي طلب التطاول بالظلم ، وحين أسقطت من الخطب لعنة الملاعين على أمير المؤمنين عليهالسلام أقيمت هذه الآية مقامها ولعمري إنّها كانت فاحشة ومنكرا وبغيا ، ضاعف الله لمن سنّها غضبا ونكالا وخزيا إجابة لدعوة نبيّه «وعاد من عاداه». قال المحشّي يريد بلعنة الملاعين من لعن عليّا عليهالسلام من بني أميّة وبني مروان والّذي أسقط اللعنة عمر بن عبد العزيز والّذي سنّ ذلك معاوية انتهى وأشار بدعوة النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى ما وقع في يوم الغدير من دعائه له بذلك وهو مشهور وفي الكتب مسطور غنيّ عن البيان وهذا الكلام صريح في لعن معاوية وفي مواضع من الكشّاف يظهر بغض المصنّف له ، وأنّه ما كان على الحقّ ، وما كان جهاده مع علي عليهالسلام باجتهاد ولا معذورا فيه ، بل متعمّدا وظالما ، وحاكم جور عالما منها (١) ما ذكره في آخر سورة يونس (وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) (٢) روي أنّ أبا قتادة رضياللهعنه تخلّف عن تلقّي معاوية حين قدم المدينة وقد تلقّته الأنصار ثمّ دخل عليه فقال له : مالك لم تتلقّنا؟ قال لم يكن عندنا دوابّ ، قال فأين النواضح؟ قال قطعناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يا معشر الأنصار إنكم ستلقون بعدي أثره قال معاوية فما ذا؟ قال : قال : فاصبروا حتّى تلقوني ، قال : فاصبر! قال : إذا نصبر ، فقال عبد الرحمن بن حسّان :
__________________
(١) اى من المواضع التي يظهر بغض صاحب الكشاف لمعاوية.
(٢) يونس ١٠٩.