هو الّذي لم يتب ولم يصرّ ، إمّا عالما أو جاهلا ، إلّا أن يسمّى تارك التوبة مطلقا مصرّا ، والظاهر خلافه ويحتمل كونه عطفا على «الّذين» أي أعدّت للمتّقين الّذين كذا وكذا وللمتّقين الّذين كذا وكذا ، ولا ينافي صدور الذّنب مع التوبة ، وعدم الإصرار الوصف بالتقوى قبله ، وبعده أيضا ، وإمّا مبتدأ وخبره «أولئك» بأن يكون مبتدأ ثانيا «وجزاؤهم» ثالثا «ومغفرة» خبره ، والجملة خبر الثاني والمجموع خبر الأوّل ويحتمل كون ترك الفاء وثمّ في قوله (ذَكَرُوا اللهَ) إشارة إلى أنّ مطلق ما يصدق عليه ذكر الله والتوبة كاف سواء كان بعده بلا فصل أو مع فصل كثير.
قالوا : المراد بالفاحشة الزنا ، وبالظلم مقدّماته وغيرها ، أو الفاحشة الكبيرة والظلم الصّغيرة أو الفاحشة الفعليّ والظلم القوليّ ويحتمل كون الفاحشة الظلم على الغير بتضييع حقوقه ، وبالظلم الظلم على نفسه بتضييع حقوق الله ، ومعنى (ذَكَرُوا اللهَ) ذكروا عقاب الله ووعيده «فاستغفروا الله» أي ندموا وعزموا على عدم العود فيكون كناية عن التوبة (وَلَمْ يُصِرُّوا) زيادة تأكيد وبيان له ، أو يكون الاستغفار طلب المغفرة من الله بالقلب واللّسان ، مثل اللهمّ اغفر لنا ، وعدم الإصرار يكون كناية عن التوبة.
(وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ) أي لا يغفر الذّنوب (إِلَّا اللهُ) لأنّ الاستفهام إنكاريّ فاصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، اللّذين هما بحكم شيء واحد ، للإشعار بأنّ الله يغفر وأن لا غافر غيره ، وإذا كان لا ملجأ إلّا هو لا يغفر الذّنب إلّا هو ، إذ الذنب الّذي هو عصيانه لا يمكن أن يغفره غيره ، وكرمه واستغناؤه اقتضى أن يغفر له ، ولا يعاقبه بسوء ما فعله ، تفضّلا وإحسانا وإيفاء للوعد الّذي في الآيات والأخبار على ذلك ، فقبول التوبة وإسقاط العقاب بها عقبها محض التفضّل ، ووجوبه سمعيّ لأنّه وعده تفضّلا وكرما ، فلا ينافي كونه تفضّلا كما قاله في مجمع البيان هنا إنّه تفضّل أو أجر وجزاء ، ونقل الإجماع قبله على أنّه واجب لا أنّه واجب عقلا لأنّ قبول العذر واجب عقلا كما قاله المعتزلة ، ومنهم صاحب الكشاف إذ العقل