يقبل الحمل على الاستحباب ، للجمع بين الأدلّة ، كما يفهم أنّه فعله محمّد حيث قال : وقد جاء أرخص.
(وَلا تَقْرَبُوهُنَّ) تأكيد للاعتزال ، وبيان لغايته ، وهو مؤيّد للمعنى الأوّل إذ الظاهر من مقاربة النساء هو ذلك. وأمّا الغاية فقراءة التخفيف يدلّ على أنّه انقطاع الدّم كما هو مذهب أكثر الأصحاب ويدلّ عليه بعض الروايات والجمع بين الروايات والقراءات ، إذ تحمل قراءة التشديد وبعض الروايات الأخر على عدم الرجحان المطلق إلى حين الغسل : التحريم قبل الانقطاع والكراهية بعده إلى حين الغسل ، وقراءة التشديد يدلّ على أنّها إمّا الغسل أو الوضوء أو غسل الفرج بعد الانقطاع.
والأوّل مذهب الشافعيّ ومنسوب إلى بعض الأصحاب وهو ابن بابويه والظاهر أنّه ليس كذلك (١) ولا بدّ له من حمل قراءة التخفيف أيضا على الغسل للجمع بين القراءتين ، حتّى يصحّ هذا ، وقال في الكشّاف وذهب الشافعيّ إلى أنّه لا يقربها حتّى تطهر وتطهّر فيجمع بين الأمرين وهو قول واضح ، ويعضده (فَإِذا تَطَهَّرْنَ). كأنّه يريد ذلك وإلّا فغير واضح إذ بين غاية التخفيف والتشديد منافاة ولا يمكن الجمع إلّا على ما قلنا وأشار إليه القاضي وكأنّ في مجيئه كذلك مناقشة سهلة.
والثاني مختار صاحب مجمع البيان ، حيث قال : واختلف فيه أي في غاية تحريم الوطي فمنهم من جعل الغاية انقطاع الدّم ، ومنهم من قال إذا توضّأت أو غسّلت فرجها حلّ وطيها عن عطاء وطاوس ، وهو مذهبنا (٢) وما اختاره ما نعرف
__________________
(١) فإنه قال في الفقيه ج ١ ص ٥٣ (ط ـ النجف) ولا يجوز مجامعة المرءة في حيضها لان الله عزوجل نهى عن ذلك فقال (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) يعنى بذلك الغسل من الحيض ، فان كان الرجل شبقا ـ مغرما ـ بالجماع وقد طهرت المرءة وأراد أن يجامعها قبل الغسل أمرها أن تغسل فرجها ثم يجامعها.
(٢) قال الشيخ في الخلاف : إذا انقطع دم الحيض جاز لزوجها وطيها إذا غسلت فرجها ، سواء كان ذلك في أقل الحيض أو في أكثره ، وإن لم تغتسل ، وقال أبو حنيفة : إن انقطع دمها