والحاصل : ليس جواز ما سبق له مشروطا بالانتهاء ولا برجوع أمره إلى الله بل عدم العقاب فيما يأتي مشروط به ، فكأنّه قال : الّذي اتّعظ فما عليه فيما سبق شيء ، وأمره فيما سيأتي إلى الله ، فان اتّعظ فما عليه شيء ، وإلّا فعليه وزر الترك ولعلّه لدفع توهّم من يتوهّم أنّه إذا حرّم الربا لا يكون للعامل أخذه ، سيّما إذا كان العين باقية بل يردّه إلى أهله ، وتوهّم أنّ المتّعظ ليس أمره بعد الاتّعاظ إليه ، أو يكون المراد : فله ما سلف من غير عقاب ، فيكون للتقييد ، إذ لو لم ينته ليس له ما سلف سالما ، بل هو مع العقاب ، فكأنّه ليس له ذلك لأنّه لا خير مع كون الإنسان معاقبا ، وبالجملة إن ثبت عدم هذا المفهوم بالإجماع ونحوه ، فليس بمعتبر لأنّه إنّما يعتبر مع عدم ما هو أقوى منه ، وإلّا فنقول به.
(وَمَنْ عادَ) أي إلى أكل الربا إذ الكلام فيه ، والظاهر أنّه ليس في مقابل قوله (فَانْتَهى) إذ حاصله حينئذ أنّ الّذي جاءه النهي فانتهى أي قبل النهي واعتقد تحريمه ، فله كذا وإن لم يقبل فكذا ، ولا يناسب لفظ العود حينئذ بل هو جملة عطفت على جملة فمن جاءه إلخ ، فكأنّه قال : الّذين يأكلون الربا ويقولون إنّه حلال ثمّ يعودون إلخ ويمكن أن يكون المراد بالعود الرجوع إلى أكل الربا ، وعدم قبول تحريمه ، وحينئذ لا مسامحة في الحصر الإضافيّ وخلودهم ، لأنّ الّذي يعتقد تحليل ما حرّم الله بعد علمه بأنّه [حرام] من الله كافر ومخلّد ، فلا دلالة فيه على أنّ الفسّاق مخلّدون كما ذهب إليه المعتزلة ، وقال صاحب الكشّاف : هذا دليل بيّن عليه ، نعم إن كان المراد العود إلى فعل الربا بعد الترك ، فحينئذ تكون ظاهرة فيما قاله الكشّاف في الجملة ، ويمكن التأويل بالحمل على المبالغة والمكث الطويل كما قالوا في (مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) وغيره ، لما ثبت من عدم خلود المؤمن في النار بالعقل والنقل.
ثمّ أعلم أنّها تدلّ على تحريم فعل الربا ، وتحريم أكل ما أخذ به بل مطلق التصرّف فيه ، وكون العود إلى الربا كبيرة أو إلى أكل الربا مع قوله بالتحليل ، كما كان قبل ، فإنّه كان يقول (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) وعلى تحليل