الدين لاحتمال عوده إلى المصدر ، وقيل ليرتفع احتمال التداين بمعنى المجازاة كقولهم كما تدين تدان ، فيزول الاشتباه ، ولعلّ مراده من أوّل الأمر وإلّا يزول بملاحظة تتمة الآية ، وقيل : لمجرّد التأكيد كما في (طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) (١) (فَاكْتُبُوهُ) أي اكتبوا الدين لأنه أوثق بالنسبة إلى صاحب الحقّ والمديون ، والشاهد أيضا ، وفيه مصلحة الدين والدنيا لهم ، فدلّت على أحكام :
الأوّل إباحة المعاملة بدين مؤجّل أخذا وإعطاء بأيّ نوع كانت المعاملة نسيئة وسلفا صلحا وإجارة وقرضا وغير ذلك ، والثاني اشتراط التعيين في الأجل بأن يسمّي أجلا أي أيّاما وشهورا وسنوات بأن يسمّي أجلا لا يقبل الزيادة والنقصان ، لا ما يقبل مثل حضور الحصاد وقدوم الحاجّ فيشترط اللفظ ، ولا يكفي كون ذلك مقصودا لهم فتأمّل ، والثالث عدم جواز التجاوز عن ذلك بأن يطالب قبله أو يؤخّر بعده ، وعدم لزوم الأخذ قبله إذ الظاهر أنّ فائدة الأجل وتعيينه ذلك إلّا ما أخرجه دليل [شرعيّ] ، مثل وجوب الأخذ قبله وعدم لزومه في القرض على ما قالوه.
والرابع استحباب الكتابة أو كونه للإرشاد لإجماعهم على عدم الوجوب ، ولأنّ الظاهر أنّ الغرض حفظ مالهم وصلاح حالهم ، فإذا رضوا بتركه يجوز لأنّه يجوز لهم أن لا يأخذوا أصلا فتأمّل ، ويحتمل وجود ما يدلّ عليه أيضا في الروايات قال في مجمع البيان : واختلف في هذا الأمر فقيل هو مندوب إليه وهو الأصحّ ويدلّ عليه قوله تعالى (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) إلخ فيه تأمّل إذ يدلّ على عدم الوجوب على تقدير الايتمان لا مطلقا ، بل يدلّ على تقدير عدم وجود الكاتب والشهود أنّه يجوز ترك الرهن والاكتفاء بالايتمان وهو ظاهر.
ويمكن جعل اشتراط ذكر الأجل لفظا خامسا فيمكن جعل اشتراط الصيغة في المعاملات سادسا ، إذ يفهم من اشتراط ذكر الأجل لفظا اشتراط الصيغة في المعاملة فتأمّل ، وأما إباحة الدين الغير المؤجّل كما يفهم من الكنز فمشكل ، إذ الظاهر
__________________
(١) الانعام : ٣٨.