عدم دلالة هذه الآية عليه ظاهرا ، نعم هو مفهوم من غيرها ، وقد يقال يفهم ذلك بالطريق الأولى من إباحة المؤجّل فتأمّل وقد يقال أيضا : يستفاد من مفهومها عدم استحباب الكتابة لغير المؤجّل فيكون سابعا فافهم.
(وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ) أي يكتب بالسويّة لا يزيد ولا ينقص ، فبالعدل متعلّق بمقدّر صفة لكاتب أو حال عنه أو متعلّق به أو متعلّق بوليكتب ، ولا يمتنع أحد من الكتّاب من الكتابة مثل ما علّمه الله من كتبة الوثائق ، فيكون «كما» متعلّقا بمقدّر صفة لمصدر أي كتابا مثل كتاب علّمه الله إيّاه ، أو لا يأب أن ينفع الناس بكتابته نفعا مثل النفع الّذي نفعه الله بتعليمها كقوله (أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) (١) فليكتب الكاتب هذه الكتابة المعلّمة ويحتمل أن يكون كما علّمه الله تتمّة ما بعده ، أي فليكتب والأوّل أولى.
فدلّت على أحكام : وجوب الكتابة بالعدل ، يعني على تقدير كتابته ، وإن لم تكن عليه واجبة ، يجب أن يكتب بالعدل ولا يغيّر ، وتحريم الامتناع عن الكتابة مطلقا على الثاني ، فتكون الكتابة واجبة على من يقدر عليها ، والظاهر أنّه كفائيّ إذ الوجوب أعمّ وأنّ الفرض هو الكتابة من أي شخص تتأنّى كالشهادة ، وعلى الأوّل على تحريم الامتناع عن الكتابة المقيّدة فيكون معناه لازما لمعنى وليكتب ويكون تأكيدا مثل فليكتب ، ويحتمل أن يكون وليكتب أمرا للمعاملين بالدين باختيار كاتب بالعدل ، فعلى تقدير استحباب الكتابة واختيارها يكون اختيار الكاتب بالعدل واجبا كما في صورة وجوب الكتابة ، واشتراط تديّن الكاتب في الكتابة واشتراط فقهه بها على الوجه المأمور به الموافق للشرع.
(وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ) أي وليكن المملل من عليه الدين والحقّ لأنّه المقرّ والمشهود عليه ، والإملال قيل هو الإملاء فيقرّ بلسانه بما عليه ليكتبه الكاتب (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) أي المملل قيل أو الكاتب وهو بعيد (وَلا يَبْخَسْ) أي لا ينقص
__________________
(١) القصص : ٧٧.