(مِنْهُ شَيْئاً) أي من الحقّ أو ممّا أملل أي يملل على وجه لا نقص فيه بل بالعدل كما قيل في الكاتب (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً) أي ناقصا مبذّرا يصرف ماله في غير الأغراض الصحيحة (أَوْ ضَعِيفاً) أي صبيّا أو مجنونا أو شيخا مختلا (أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ) أي الّذي لا ضعف في حاله وعقله ولا في تصرّفه لكنه لا يقدر على الإملال كما هو ، بحيث يفهمه الكاتب ، بأن يكون أخرس أو جاهلا باللغة (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) والوليّ هو الّذي يلي أمره مثل الأب والجدّ منه والأوصياء في الصبيّ والمجنون والمبذّر إن كان لهم الولاية عليهم ، وإلّا فالحاكم وأمينه ، ووليّ الشيخ المختلّ المترجم والذي يقدر على الإملال وليّ جاهل اللّغة والأخرس بشرط علمهما بالدين عليهما سواء كانا حاضرين على المعاملة أو فهما ممّن عليه الحقّ.
ولكن يشكل اكتفاء الكاتب حينئذ على مترجم واحد وقادر واحد ، فإنّهما في الحقيقة شاهدان على ما في ذمّته أو على إقراره فحينئذ لا بدّ من كون كلّ واحد اثنين عدلين على ما اعتبروه في غير هذا المحلّ إلّا أن يكونا ممّن يتعاطى المعاملة أو يكون الكاتب عالما بالحال ، وهو مشكل أيضا إذ حينئذ لا يحتاج إلى المملل وعلى تقدير تعاطيهما أيضا ما يقدر الكاتب أن يكتب كونه في ذمّة المديون بقولهما وهذا الاشكال وارد في الكلّ ، إذ بمجرّد إقرار الوليّ كيف يكتفي بثبوت المال في ذمّة المولّى عليه ، بل مع الشهود أيضا ، لأنّهم يعتبرون لإثبات المال في الذمّة بالشهود انضمام حكم الحاكم إليه.
وقيل : الضمير في (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) راجع إلى الحقّ أي صاحب الدين وهو بعيد ، والاشكال فيه أقوى إلّا أن يكتب الكاتب تذكرة له من لسانه ، لا أنّه ينفعه ويكون حجّة له ، وحينئذ يجوز كتابة مثله من لسان هؤلاء الّذين مضوا أيضا ولا إشكال فتأمّل.
فدلّت هذه على وجوب إقرار من عليه الحقّ ، لأن يكتب ويشهد عليه ، ووجوب كونه على ما هو عليه ، وكذا على الأولياء ، وعلى أنّ هؤلاء المذكورين من السفيه والضعيف ومن لم يقدر لا يمضى إقرارهم ، ولا يعتبر قولهم ، فلا يجوز