يوم صدقة (١) ومن هذا الحديث ذهب بعضهم إلى أنّ المراد بالصدقة في الآية هو الانظار وهو بعيد ، ولا استبعاد أيضا في أفضليّة الإبراء من الإنظار مع بقاء المال في الذمّة وحصول كلّ يوم بل كلّ ساعة صدقة فيه ، مع أنّ القرض أفضل من الصدقة لاحتمال خيريّة هذه الصدقة بخصوصها بالنّصّ من الآية الشريفة والأخبار.
ثمّ أكّد سبحانه الترغيب إلى الطاعات سيّما الصدقة والانظار والترهيب عن فعل المعاصي بقوله (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) أي يوم القيمة أو يوم الموت فتأهبّوا لمصيركم إليه (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) أي تستوفي فيه اجرة كسبه خيرا أو شرّا (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بنقص ثواب الأعمال وزيادة عقاب المعاصي وعن ابن عباس أنّها آخر آية نزل بها جبرئيل عليهالسلام وقال : ضعها في رأس المائتين والثمانين من البقرة ، وعاش رسول الله صلىاللهعليهوآله بعدها أحدا وعشرين يوما ، وقيل أحدا وثمانين وقيل سبعة أيّام وقيل ثلاثة ساعات كذا في القاضي والكشّاف والظاهر أنّ المراد هذه الآية أي (وَاتَّقُوا) إلى قوله (لا يُظْلَمُونَ).
وفي مجمع البيان : وروي عن ابن عبّاس وابن عمر أنّ آخر ما نزل من القرآن آي الربا ، والظاهر أنّ الأوّل أولى لبعد عدم هذا التحريم فيه إلى محلّ الفوت ، وأيضا هي المناسب لأن تكون آخر ما نزل ، ولهذا يفهم من كلامه أيضا في جامع الجوامع ذلك ، لأنّ كلامه مثل كلام الكشّاف فتأمّل.
الثالثة: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢).
«من» استفهاميّة مرفوعة بالابتداء ، و «ذا» خبره و «الّذي» صفة «ذا» أو بدله ، «وقرضا» مفعول مطلق بمعنى إقراضا «وحسنا» صفته ، أو بمعنى مقرضا محسنا فيكون حالا عن فاعل يقرض ، وكأنّ المعنى تحريص وترغيب على إقراض الله ولعلّ المراد بإقراضه الأعمال لوجه الله ، سواء كانت ببذل النفس كما في الجهاد
__________________
(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٣٩٣.
(٢) البقرة : ٢٤٥.