أو السعي في تحصيل العلوم والواجبات ، أو السعي في قضاء الحاجات ، وسائر مرضات الله أو صرف المال في مثل الزكاة ونفقة العيال وصرفه لله على أيّ وجه كان قرضا كان أو غيره ، وكأنّه شبّه تقديم العمل الّذي يتعقّبه العوض والجزاء والثواب بالقرض الّذي هو قطع المال ودفعه ليعوّض به ، أو يكون المراد قرض المحتاجين لله قرضا حقيقيّا ولعلّ المراد بحسن القرض فعله مخلصا خاليا عن غير وجه الله مفهوما من قوله «يقرض الله» وبطيب النفس من غير كدورة وكسل ، وبغير منّ ولا أذى ، فيضاعفه بتجارته ضعفا كثيرا أي أمثالا كثيرة لا يقدّره إلّا الله قيل الواحد بسبعمائة ، وأضعافا جمع ضعف ، ونصبه على الحال من الضمير المنصوب أو المفعول الثاني لتضمّن المضاعفة معنى التصيير ، أو على المصدر على أنّ الضعف اسم المصدر وجمع للتنويع ويقيمون اسم المصدر مقامه ، ويجعلونه بحكمه ، وكأنّ تأنيث الكثيرة لكونها صفة للجمع وقرئ يضاعف بالنصب لكونه جواب الاستفهام لأنّ «من ذا» بمنزلة أيقرض الله أحد؟ فالتقدير فأن يضاعفه ، والله يقتر على بعض ويوسّع على بعض على حسب ما اقتضاء مصلحتهما ، فلا تبخلوا عليه تعالى بما وسّع عليكم ، ولا تهينوا من قتّر عليه فلا ينبغي لمن قتّر عليه أن يخرج عن الرضا ، ولا لمن وسّع عليه أن يتكبّر ، أو أنّه يقبض القرض ويوسّع في العوض أو أنّه يقبض على البعض بأن يميته ويبسط على الوارث (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فالمرجع هو الله ، فيجازيكم على حسب أعمالكم ، وتجدون ما فعلتم له ولغيره.
ونحوها: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (١) و (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (٢) وقوله تعالى (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ) (٣).
__________________
(١) الحديد : ١١.
(٢) الحديد : ١٨.
(٣) التغابن : ١٧.