إعطاء الدين لا أصل الدين فتأمّل ، بل ظاهر كلامه يدلّ على عدم الاحتياج إلى الإيصاء وهو أبعد.
ثمّ الظاهر أنّه يعاقب بالتأخير ، ويؤخذ منه ما يقابل المال لأصحابه الأول لو بقي على ملكهم ، ويؤخذ عوض الحيلولة بينهم وبين أموالهم ، على تقدير الانتقال إلى الوارث ، وكذا للوارث إلى أن ينتهي ، نعم قد يكون المبدّل أيضا معاقبا ومؤاخذا على مقدار تقصيره ، سواء كان شاهدا أو وارثا أو وصيّا أو مانعا من إخراج الوصايا على أيّ وجه كان ، ولو كان باعتبار النظارة أو عدم تعيين الوصيّ لمن لا وصيّ له ، أو عدم بيان الحكم للفاعل ، بل كلّ من يقدر على وجه ولم يفعل من باب الحسبة ، وكان موقوفا عليه ، فالظاهر أنّه مؤاخذ في قبره وفي الآخرة ، نعوذ بالله من عذاب الآخرة.
ثمّ الظاهر أيضا أنّه لو أدّى عنه الوارث بل الأجنبيّ أيضا ما عليه من الحقوق الّتي يصحّ أداؤها عنه أو أخرج وصاياه الّتي يصحّ الإخراج عنه تبرأ ذمّته من تلك الحقوق والوصايا من غير شكّ ، ولا عقاب عليه ، ويرث الأموال المتروكة وارثه إذ ما بقي لأهل الحقّ عنده شيء ، فلم يعاقب ولم يؤاخذ؟
نعم لو قصّر في الأداء والوصيّة الواجبة يعاقب حينئذ وإلّا فلا ، وبالجملة ما ذكره قدّس الله روحه غير واضح إلّا قوله أحد لا يجزى بفعل غيره ، وذلك صحيح وهو ممّا دلّ عليه العقل والنقل مثل (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وهو واضح ، وأمّا دلالة هذه الآية عليه أيضا فغير واضح ، فانّ دلالتها أن ليس إثم التغيير لهذه الوصيّة الخاصّة إلّا على مبدّلها فلا يدلّ على الكلّيّة إلّا بضمّ مقدّمة أخرى ، وأمّا دلالة هذه الآية على إبراء ذمّة المديون وغيره بالوصيّة ، وكذا على عقاب كلّ مبدّل ومغيّر فغير واضح كما مرّ ، إذ مرجع ضمير (بَدَّلَهُ) الوصيّة الخاصّة وهي الوصيّة المندوبة للأقارب فإنّه هنا ما كان على الموصي إثم وذنب ، فلا جرم أن لا يكون هنا إثم إلّا على مبدّلها وهو ظاهر ، مع ما مرّ من الاستبعادات وغيرها من الأمور الواضحة.