ثمّ إنّه ينبغي التحقيق والتفصيل أيضا بأنّ الموصي هل كان مقصّرا أولا وكذا المبدّل ، وظاهره أنّه لو لم يقصّر المبدّل لم يكن عليه إثم وضمان ، كما يعلم من التقييد في الآية ، وفي كلامه أيضا ، ومعلوم عدم الإثم على الموصي أيضا على تقدير عدم التقصير والتفريط ، ولكن يحتمل الضمان بحيث يعطي العوض كما أنّه يقع في الدنيا كثيرا الضمان مع عدم الإثم ، وهذا في الموصي أيضا متصوّر بعد التصرّف ولكن تضمينهما بعيد ، فإنّه يبعد تضمين شيء في الآخرة مع عدم التكليف فيها ، ولا يقاس أمور الآخرة بالدّنيا لنصوص بخصوصها من غير تعقّل علّة بل لمحض نصّ وتعبّد لمصالح يعلمها الله فقط ، فينبغي حينئذ إلّا يضيّع حقّ صاحب الحقّ أيضا بأن يعطيه الله العوض الله يعلم.
(فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الجنف الجور وهو الميل عن الحقّ قاله في مجمع البيان وقال أيضا إنّ من متعلّق بمقدّر حال عن جنفا أي جنفا حال كونه كائنا من موص ، وكأنّه ليس بصفة للتقديم ، ويحتمل أيضا تعلّفه بخاف ، والمعنى على الظاهر أنّ من علم ـ لأنّ خاف جاء بمعنى علم كما قيل في التفاسير ـ من موص أن يفعل جورا وغير مشروع في الوصيّة خطأ أو إثما يعني يفعل ذلك عمدا فأصلح بين الموصى لهم ، وهم الوالدان والأقرباء في الوصيّة المذكورة ، ويحتمل أن يكون المراد من يتوقّع ويظنّ حين وصيّة الموصي أنّه يجوز في الوصيّة فأصلح ، لكنّه قال في مجمع البيان : الأوّل عليه أكثر المفسّرين ونقله عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام ـ فلا إثم عليه ولا ذنب ولا عصيان على المصلح المبدّل من الباطل إلى الحقّ فإنّ الله غفور للمذنب ، فكيف لمن لا ذنب له ، فكأنّه لمّا كان مبدّلا والتبديل حراما وإثما ، دفع هذا الوهم ، وذكر أنّ الإثم على التبديل الباطل لا الحقّ ، فذكر عدمه والمغفرة والرحمة لذلك لا لمقابلة الذنب ، لمشاكلته ، وإلّا ، المصلح له أجر وثواب على ذلك ، بل لو لم يفعله كان عليه إثم ، ثمّ قال في مجمع البيان : وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : من حضره الموت فوضع وصيّته على كتاب الله كان كفّارة لما صنع من ذنوبه في