تحريم غضّ بعض البصر دون البعض ، لا بعض المبصر ، وهو المطلوب والمعقول كما يفهم من قوله «والمراد إلخ» فتأمّل فالزيادة أولى بحسب المعنى.
وقال أيضا : في ترك «من» في الفروج فقط دلالة على أنّ أمر النظر أوسع من أمر الفرج ألا ترى أنّ المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهنّ وصدورهنّ وثديهنّ وأعضادهنّ وأسوقهنّ وأقدامهنّ وكذلك الجواري المستعرضات للبيع والأجنبيّة ينظر إلى وجهها وكفّيها وقدميها في إحدى الروايتين ، وأمّا أمر الفرج فمضيّق وكفاك فرقا أن [كان] أبيح النظر إلّا ما استثني منه ، وحظر الجماع إلّا ما استثني منه وقد عرفت ما فيه ممّا تقدّم من أنّ هذا ليس مفاد التبعيض هنا وأيضا ليس في منطوق القرآن إباحة الأوّل وتحريم الثاني إلّا ما استثني فافهم ، ثمّ قال : ويجوز أن يراد مع حفظها عن الإفضاء إلى ما لا يحلّ حفظها عن الإبداء وفهم هذا المعنى لا يخلو عن بعد ، نعم يمكن بعد العلم بالمسئلة من غير هذه ، ثمّ قال : وعن أبي زيد كلّ ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا إلّا هذا فإنّه أراد به الاستنار قال في مجمع البيان : وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال فلا يحلّ للرجل أن ينظر إلى فرج أخيه ولا يحلّ للمرأة أن تنظر إلى فرج أختها ، وقال أيضا معناه قل يا محمّد للمؤمنين يغضّوا أبصارهم عمّا لا يحلّ لهم النظر إليه. ويحفظوا فروجهم عمّن لا يحلّ لهم وعن الفواحش ، وقيل إنّ «من» زائدة وتقديره يغضّوا أبصارهم عن عورات النساء ، وقيل إنّها للتبعيض لأنّ غضّ البصر إنّما يجب في بعض المواضع عن أبي مسلم ، والمعنى يغضّوا من نظرهم ، فلا يبصروا ولا ينظروا إلى ما حرّم ، وقيل إنّها لابتداء الغاية وفي التبعيض ما تقدّم فتأمّل.
وأيضا لا يخفى أنّ في الآية إجمالا فإنّه ما نعلم ما لا يحلّ وما يحلّ ، فلم نعلم حينئذ غضّ البصر في أيّ موضع يحرم وفي أيّ موضع يحلّ وينبغي أن يقال المفهوم تحريم النظر وعدم حفظ الفرج مطلقا ، وقد علم الجواز في المحارم والحلائل بالآية والإجماع وغيرهما ، وبقي الباقي تحته (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) عطف على يغضّوا (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) أي أنفع لدينهم ودنياهم وأطهر وأتقى من التهمة