الكشف للمسلمات وعدمه للكافرات ، فإنّه إذا كانت النساء كلّها داخلة تحت حكم الستر واستثني منها المسلمات (١) بقيت الكافرات وهو ظاهر ، ثمّ قال والظاهر أنّه عنى بنسائهنّ وما ملكت أيمانهنّ : من في صحبتهنّ وخدمتهنّ من الحرائر والإماء والنساء كلّهنّ سواء في حلّ نظر بعضهنّ إلى بعض ، وقيل (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) هم الذكور والإناث جميعا ، وعن عائشة أنّها أباحت النظر إليها لعبدها.
ثمّ قال : المراد بها الإماء وهذا هو الصحيح ، لأنّ عبد المرأة بمنزلة الأجنبيّ منها خصيّا كان أو فحلا ، هذا هو المشهور والصحيح عندنا أيضا ، ولكن في بعض الأخبار ما يدلّ على خلاف ذلك فينبغي الرجوع والتأمّل فيها.
(أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢).
في الكشاف : الإربة الحاجة ، قيل : هم الّذين يتبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم ولا حاجة لهم إلى النساء لأنّهم بله لا يعرفون شيئا من أمرهنّ أو شيوخ صلحاء إذا كانوا معهنّ غضّوا أبصارهم أو بهم عنانة ، وقرئ «غير» بالنصب على الاستثناء أو الحال ، والجرّ على الوصفيّة ، وضع الواحد موضع الجمع لأنّه يفيد الجنس ويبيّن ما بعده أنّه يراد به الجمع ونحوه (نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً).
(لَمْ يَظْهَرُوا) إمّا من ظهر على الشيء إذا اطّلع عليه أي لا يعرفون ما العورة ولا يميّزون بينها وبين غيرها ، وإمّا من ظهر على فلان إذا قوي عليه ، وظهر على القرآن أخذه وأطاقه أي لم يبلغوا أوان القدرة على الوطي.
ولا يخفى أنّ الشيوخ الصلحاء الّذين يغضّون أبصارهم إذا كانوا معهنّ لا يحتاجون إلى الاستثناء بل لا يصحّ فانّ الظاهر من الاستثناء جواز الكشف لهم ، وجواز النظر لهم ، فافهم ، وأنّ وجود العنّة لا يوجب جواز النظر إلى مواضع الزينة
__________________
(١) المؤمنات خ.
(٢) النور : ٣٢.