خلخالها أو يسمع صوته ، عن ابن عبّاس ، فيكون ذلك لقصد أن يتوجّه إليهنّ ويرينهم موضع زينتهنّ الباطنة حراما حيث يؤل إلى الحرام ، ويحتمل التحريم مطلقا عمدا وإن لم يؤل إلى ذلك كما هو ظاهر الآية ، وفي الكشّاف كانت المرأة تضرب الأرض برجلها ليتقعقع خلخالها ، فيعلم أنّها ذات خلخال ، وقيل : كانت تضرب بإحدى رجليها الأخرى ليعلم أنّها ذات خلخالين ، وإذا نهين عن إظهار صوت الحليّ بعد ما نهين عن إظهار الحلي ، علم بذلك أنّ النهي عن إظهار مواضع الحلي أبلغ وأبلغ ، أوامر الله ونواهيه في كلّ باب لا يكاد العبد الضعيف يقدر على مراعاتها وإن ضبط نفسه واجتهد ، ولا يخلوا من تقصير يقع منه ، فلذلك وصيّ المؤمنين جميعا بالتوبة والاستغفار ، وبتأميل الفلاح إذا تابوا واستغفروا ، وعن ابن عبّاس : توبوا ممّا كنتم تفعلونه في الجاهليّة لعلّكم تسعدون في الدنيا والآخرة.
فإن قلت : قد صحّت التوبة بالإسلام والإسلام يجبّ ما قبله ، فما معنى هذه التوبة؟ قلت أراد بها ما يقوله العلماء إنّ من أذنب ذنبا ثمّ تاب عنه ، يلزمه كلّما تذكّره أن يجدّد عنه التوبة لأنّه يلزمه أن يستمرّ على ندمه وعزمه ، إلى أن يلقى ربّه ، ووجوب الندامة والتوبة كلّما ذكر لا دليل عليه وهو مشكل ، نعم لو خطر بباله وتردّد في خاطره يجب عليه ذلك فتأمّل.
وقال : فان قلت : لم لم يذكر الله تعالى الأعمام والأخوال؟ قلت : سئل الشعبيّ عن ذلك فقال لئلّا يصفها العمّ عند ابنه والخال كذلك ، ومعناه أنّ سائر القرابات تشرك الأب والابن في المحرميّة إلّا العمّ والخال وأبناؤهما ، فإذا رآها العمّ فربما وصفها لابنه ، وليس بمحرم فيداني تصوّره لها بالوصف نظره إليها ، وهذا أيضا من الدلالات البليغة على وجوب الاحتياط عليهنّ في الستر. ولا يخفى أنّه يجوز للعمّ والخال النظر ، فعدم ذكرهما في الآية لا ينفع مع أنّ عدم ذكره لهذا بعيد جدّا ، إذ يفهم عدم جواز النظر لهما وتحريم التكشّف لهما ، نعم لو فهم أنّ عدم ذكرهما مع جواز التكشّف عندهما لأن لا يقولا ولا يصفى لكان جيّدا ، ولكن لا يفهم ، وهذا من العامّ المخصوص بغيره ويمكن أن يكون ذلك نكتة الترك فتأمّل