هو استبدادهنّ أمّا لو اتّفقا على الانتقال جاز ، إذ الحقّ لا يعدوهما ، وفيه ضعف واضح لما عرفت من عدم التخصيص في الآية مع التأكيد التامّ بذكر النهيين معا ، وتأكيده بما بعده وهو ظاهر ، ولا يجوز التخصيص في كلامه تعالى وأحكامه المنصوصة أو الظاهرة إلّا بالدليل وما ذكره غير مسلّم.
نعم في بعض روايات أصحابنا المعتبرة مثل حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لا ينبغي للمطلّقة أن يخرج إلّا بإذن زوجها حتّى ينقضي عدّتها ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر ، ما يدلّ على جواز خروجهنّ باذن الزوج ، ولكنّ الظاهر أنّه ما عمل بها الأكثر ، فلا بدّ من التأويل ، وهو مفهوم من الإيضاح ، ويفهم من الاستبصار العمل بها ، ولكنّ الخروج عن الآية مع التأكيد والمبالغة بمثلها مشكل وقال في الكشاف إنّما جمع بين النهيين المشعر بأن لا يأذنوا ، وليس لاذنهم أثر ، وهو كلام جيّد ، نعم إن اضطرّت إلى الخروج لحاجة فالظاهر الجواز للحرج والضيق المنفيّين عقلا ونقلا ، فكأنّه مستثنى ، ومع ذلك قيّد الأصحاب بالخروج بعد نصف الليل والرّجوع قبل الصبح للرواية ، والظاهر أنّ الغرض دفعها بذلك وإلّا فالظاهر الجواز وقت الضرورة.
(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) مستثنى عن الأوّل ، أي إلّا أن تفعل المرأة فاحشة ظاهرة أو مظهرة ، قيل هي أن تبذو على الزوج وتؤذيه وتؤذي أهله وحينئذ يجوز الإخراج بهذا النصّ ، والضرر المنفيّ عقلا ونقلا ، وفي القاضي : فإنّه كالنشوز في إسقاط حقّها وفيه تأمّل إذ يفهم أنّ سبب سكناها كونها زوجة غير ناشزة والظاهر أنّه ليس كذلك بل سببه النصّ وإن لم تكن مستحقّة للنفقة لنشوزها بوجه لا يصدق عليه أنّه فاحشة ، ولهذا يجب أن تكون في البيت الّذي طلّقت وهي فيه ، وأنّه يجب السكنى وإن كانت بائنة ، مع عدم استحقاقها للنفقة والسكنى ، وهو ظاهر وهذا المعنى مرويّ عن أهل البيت عليهمالسلام أو أن تزني وتفعل ما يوجب حدّها فتخرج إلى أنّ تحدّ ، والظاهر أنّها ترجع في الثاني دون الأوّل ويحتمل الرجوع فيه أيضا مع العلم بعدم حصول ما حصل أوّلا ، ويحتمل كون الفاحشة مطلق المعصية