كما قيل ، ويحتمل الاستثناء عن الثاني مبالغة في النهي ، يعني لا يجوز لها الخروج ولا يقع منها إلّا أن تفعل فاحشة وهي الخروج قاله في القاضي.
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) إشارة إلى جميع الأحكام المذكورة ، حتّى عدم خروج المرأة بإذن زوجها ، وظلم الخارج عن حدود الله مطلقا سواء كانت المذكورة أم لا نفسه باعتبار أنّه عرضها للعقاب وسخط الله وغضبه ، فهو يدلّ على جواز إطلاق الظالم على من فعل معصية ويمكن تخصيصها بكونها كبيرة ، ولكنّ الظالم له إطلاقات (١) وأفراد والغرض التأكيد والمبالغة في ترك المنهيّات ، وفعل المأمورات خصوصا الأحكام المذكورة (لا تَدْرِي) أيّها النبيّ أو لا تدري النفس عواقب الأمور والحوادث (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ) الطلاق (أَمْراً) رغبة في الرجعة برفع ما يكره من الجانبين ، فكأنّه إشارة إلى أنّ الخروج عن حدود الله تعالى شيء ينكر ويؤذى صاحبه ، وموجب للندامة في الدّنيا أيضا إذ قد تحصل الرغبة بالاجتماع ، وقد حصل ما لا يمكن ولا يحسن معه ذلك ، فالخروج عن حدود الله موجب للندامة في الدّنيا والآخرة والخسران فيهما وهو ظاهر.
(فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) أي قربن آخر عدّتهنّ وشارفن على الخلاص منها (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) فيجب إمّا الإمساك بالرجعة بطريق معروف حسن شرعا بحسن المعاشرة والإنفاق الحسن ، أو المفارقة بترك الرجعة وتخلية سبيلها وتركها بطريق حسن جميل ، لا بإضرار وغيظ وغضب ، بمعنى تحريم جعلها كالمعلّقة بأن يطلّق ولم يراجع ولم يخبر بالطلاق ، ويظهر الزوجيّة حتّى لا تتزوّج أو يراجع فيطلّق ثمّ إذا قرب الخلاص يفعل مثل ذلك للإضرار ونحو ذلك (وَأَشْهِدُوا) دليل على وجوب الشهادة لأنّ الأمر للوجوب كما ثبت في محلّه ، وعلى اشتراطها لأنّه للتعليم ، ولأنّ الظاهر أنّ من يقول بالوجوب يقول بالاشتراط وإلّا فمجرّد الأمر لا يدلّ على الاشتراط ويدلّ عليه أخبار أهل البيت وإجماع علمائهم أيضا والمراد بوجوب الإشهاد إيقاع المشهود به على وجه يعلم الشاهد ذلك لا الاخبار
__________________
(١) كما في قوله تعالى (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ).