الولي التزويج بالكفو كما يقوله الأصحاب ، بل كلّ من يمنع ذلك بعد حصول الرضا ولو أراد الأعلى دينا أو دنيا سواء كان قريبا أولا ، فتخصيص الأصحاب بالوليّ والاستثناء بقوله «إلّا أن يريد الأعلى» غير ظاهر ، وعلى تحريم الخطبة بعد الرضا على الخطبة لأنّه منع وعضل ، الله يعلم.
(إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ) أي الخطّاب والنساء وهو ظرف لأن ينكحن أو لا تعضلوهنّ (بِالْمَعْرُوفِ) أي بما يعرفه الشرع ويستحسنه المروّة كأنّه صفة مصدر محذوف أي تراضيا كائنا بمعروف ، أو حال عن الضمير المرفوع أي تراضوا عاملين بالمعروف وفيه دلالة على عدم تحريم العضل إذا لم يكن بالكفو.
(ذلِكَ) إشارة إلى جميع ما مضى ذكره ، والخطاب للجميع ، لكن على تأويل القبيل أو كلّ واحد واحد ، أو أنّ الكاف لمجرّد الخطاب ، والفرق بين الحاضر والغائب دون تعيين المخاطبين ، أو للرسول على طريقة قوله (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ).
(يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) تخصيص الوعظ الّذي هو الزجر والتخويف والتطميع بالمؤمن لأنّه المنتفع والمتّعظ به (ذلِكُمْ) أي العمل بمقتضى ما ذكر (أَزْكى) أي أنفع (ذلِكُمْ) وأقوى أي يجعلكم أزكياء (وَأَطْهَرُ) لقلوبكم من دنس الآثام (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما فيه من النفع أو المصلحة (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) تأكيد لتصديق الأحكام وإشارة إلى اشتمالها على الحكم والمصالح ، فلو لم يظهر لهم الحكمة لا يجوّزون عدمها ، لأنّ الله يعلم وهم لا يعلمون الأمور الخفيّة لمصالح جليلة.
الرابعة : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ