بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١).
ظاهرها الاخبار عن كلّ امرأة مفارقة لزوجها بالطلاق بالتربّص المدّة المذكورة أو في المدّة فثلاثة إمّا مفعول به أو فيه ، ولعلّ المقصود إيجاب العدّة على كلّ مطلّقة مدخول بها ذات القرء إذ العدّة المذكورة مخصوصة بها بالإجماع وغيره ، والنكتة في التعبير عن الأمر بالخبر هو التأكيد والمبالغة بالمسارعة إلى الامتثال فكأنّهنّ امتثلن الأمر بالتربّص ، فهو يخبر عنه موجودا ونحوه قولك في الدعاء رحمك الله.
كذا في التفسيرين ، ولا يبعد جعلهما مخصوصة بالمطلّقات الرجعيّات غير الحاملات أيضا ، لأنّ عدّتها وضع الحمل عند الأصحاب لأدلّتهم ، ولقوله (وَبُعُولَتُهُنَّ) إذ الظاهر أنّ تخصيص الضمير يقتضي تخصيص المرجع ، وإن كان فيه خلاف ، إذ الضمير عين المرجع ولا معنى لمغايرة أحدهما الآخر إلّا بالتكلّف ، وليس كذلك إعادة الظاهر ، وإرادة الخاصّ منه ، وهو ظاهر فالقياس عليه غير جيّد كما هو مذهب الشافعيّ وارتكبه القاضي ، بل الظاهر هو الأوّل كما هو مذهب بعض المحقّقين والحنفيّة ، وأيضا وجه التعبير غير ظاهر إذ قد يقتضي ذلك كونه ماضيا مثل رحمك الله على أنّ لفظة المسارعة لا تناسب.
وأيضا قول صاحب الكشّاف قلت بل اللّفظ مطلق في تناول الجنس صالح لكلّه وبعضه ، وجاء في أحد ما يصلح له كالاسم المشترك في جواب قوله ، فان قلت كيف جازت إرادة المدخول بهنّ خاصّة واللّفظ يقتضي العموم ، لا يخلو عن مناقشة ، إذ المطلّقات عامّ لا مطلق لأنّه جمع معرّف باللّام ، وهو من صيغ العموم ، وقد صرّح هو أيضا بذلك مرارا ، نعم هو قابل للتخصيص فيخصّص بمنفصل كما أشرنا إليه ، وقالوا أيضا في ذكر التربّص بأنفسهنّ إشارة إلى أنّ العدّة والصبر عن التزويج صعب على النساء فكأنّهنّ يحملن بالقوّة والجور أنفسهنّ على الصبر في تلك المدّة والقروء جمع قرء بالفتح أو الضمّ ولا شكّ في إطلاقه على الحيض والطهر إمّا بالاشتراك
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.