فقيّد جواز نكاحهما مرّة ثانية بظنّهما إقامة حدود الزوجيّة ، فلا يجوز ذلك بدونه وذلك غير بعيد بمعنى أنّه إن تيقّنا ، ويحتمل إن ظنّا أيضا عدم الإتيان بالواجبات وارتكاب المحرّمات لا يجوز لهما ذلك لأنّه مستلزم للحرام وإن قلنا بصحّة العقد فإنّ النهي في غير العبادات لا يستلزم البطلان ويحتمل أن لا يكون العقد أيضا حراما ويكون التقييد للإشارة إلى تأكيد حسن المعاشرة ، وعدم الخروج عن الطاعة ، وعدم حصول نفع الزوجيّة على تقدير عدم إقامة الحدود ، إذ يرجع إلى المفارقة ويبقى الإثم والعدوان ، وبالجملة المفهوم لا يكون حجّة هنا لعدم شرط حجّته أو لدفعه بأقوى منه من الإجماع ونحوه.
فإن شرطيّة ، و (فَلا تَحِلُّ) جزاء و (بَعْدُ) مبنيّ على الضمّ لنيّة ما أضيف إليه أي الطلاق و (فَلا جُناحَ) جزاء الشرط الثاني و (أَنْ يَتَراجَعا) في محلّ الخبر بحذف في و «أن يقيما» في محلّ النصب مفعول «ظنّا» وهو شرط وجزاؤه محذوف من جنس ما قبله و «يبيّنها» لا محلّ له أو صفة لحدود و (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) إشارة إلى ما شرعه الله من حقوق الزوجيّة والطلاق والرجعة والنكاح وأحكامها (يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي يذكرها مبيّنة ظاهرة لأجل العلم والعمل بمقتضاه أو لمن يصحّ منهم العلم أو العلماء والفقهاء ، لأنّهم المنتفعون به دون غيرهم ، فخصّوا لذلك بالخطاب أو لأنّهم الرؤساء فاكتفي بهم.
فالآية دلّت على اشتراط المحلّل بعد كلّ طلاق ثالث كما هو المقرّر والمجمع عليه ظاهرا إلّا أنّ في الدلالة تأمّلا ، إذ الظاهر أنّ بعد الثالث الّذي بعد التطليقتين الرجعيّتين يحتاج إليه على أحد الاحتمالين ، فهذا يؤيّد الاحتمال الأخير يعني أنّ الطلاق المشروع هو الطلاق المفصّل الواقع كلّ واحد بعد الآخر ، سواء كان بعد خروج العدّة والعقد ثانيا أو في العدّة بعد العقد أو الرجعة فيها ، لا المرسل المجمل مثل هي طالق ثلاثا أو طالق وطالق وطالق كما مرّ فإذا طلّق بعد اثنين منها فلا بدّ من المحلّل.
ودلّت أيضا على أنّه لا بدّ من أن يكون التحليل بالعقد الدائم مع الوطي