وقد قيل لها معنى آخر مثل ما قاله في الكافي بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ عمّن ذكره عن أبى عبد الله عليهالسلام (١) أنّه قال الباغي الّذي يخرج على الامام ، والعادي الّذي يقطع الطريق لا يحلّ له الميتة وفي السند ضعف لسهل بن زياد ، وفي المتن أيضا قصور مّا فافهم ، مع أنّه يمكن أن يكون بطريق التمثيل وأنّ المذكور داخل فيهما لا الحصر ، وبالجملة الأعمّ أولى ما لم يثبت التخصيص ، ومعه يمكن إثبات الحكم عامّا بطريق القياس المعلوم علّته كما قاله القاضي وقيل غير باغ على الوالي ولا عاد يقطع الطريق فعلى هذا لا يباح للعاصي بالسفر وهو ظاهر مذهب الشافعيّ وقول أحمد وأنت تعلم أنّه قياس غير معلوم فيه اشتراك العلّة ، بل الظاهر عدمه فانّ الخروج على الامام وقطع الطريق ليسا بمتساويين لكلّ المعاصي ، حتّى يكون العاصي لسفره مثلهما ، وهو ظاهر ، ولعلّ لهما دليلا آخر لو كان هذا مذهبهما.
وقال القاضي أيضا فإن قيل إنّما يفيد قصر الحكم على ما ذكر ، وكم من حرام لم يذكر ، قلت المراد قصر الحرمة على ما ذكر ممّا استحلّوه لا مطلقا أو قصر حرمته على حال الاختيار كأنّه قيل إنّما حرّم عليكم هذه الأشياء ما لم تضطرّوا إليها. قلت الأوّل غير ظاهر الوقوع ، والثاني بعيد جدّا ، مع أنّ الظاهر من تحريم كلّ محرّم ، إنّما هو حال الاختيار دون الاضطرار ، ويدلّ عليه العقل والنقل فعاد السؤال ويمكن أن يقال الحصر إضافيّ بالنسبة إلى ما حرّموه على أنفسهم على ما مرّ قبل هذه الآية في سبب نزول قوله تعالى (كُلُوا) الآية يعني ليس المحرّم ما حرّمتم بل هذه أو بحذف وغيرها ممّا حرّم الله ، بل ما حرّمتم أنتم أو يكون المحرّم حين النزول هذه فقط مثل (قُلْ لا أَجِدُ) الآية.
الرابعة : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ) (٢) أي أيّ غرض لكم في التحرّج عن أكله وما يمنعكم عنه يعني لا حرج فيه ولا يجوز جعل شيء مانعا عنه دون ما نهى الله عنه (وَ) الحال أنّ الله تعالى (قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) وما لم يحرّم عليكم
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٦٥.
(٢) الانعام : ١١٩.