تحريم الخمر والمسكر وعدم معقوليّة المنّة على خلقه ولا يجمع بين المنّة والعتاب في مثل هذه الآية ، فلا بدّ من تأويل بحيث يخرج عن ذلك وهو يحصل بأحد الوجوه المذكورة وغيره فتأمّل.
وقيل «من» في «ممّا» للتبعيض لأنّ اللبن الّذي يسقى بعض ما في البطن ، وفي (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ) ابتدائيّة لأنّ ما بين الفرث والدم مكان السقي فيبدأ منه وقد احتجّ بعض من رأى أنّ المنيّ طاهر على من جعله نجسا بجريه في مسلك البول بهذه الآية وأنّه ليس بمستنكر أن يسلك مسلك البول وهو طاهر كما خرج اللبن من بين فرث ودم طاهرا ، كأنّه يريد ببعض من احتجّ الشافعيّ والمحتجّ عليه الّذي جعله نجسا بجريه في مسلك البول أبا حنيفة والاحتجاج صحيح ، والسرّ في ذلك أنّ الجري في المسلك ليس بمنجّس من حيث إنّه من البواطن ، ولا حكم لها من حيث النجاسة ، وإلّا لم يصحّ صلاة أحد وهو ظاهر ، وصرّح به الأصحاب ويدلّ عليه العقل والنقل ، وليس نجاسة المنيّ عندهم لذلك ، بل بالإجماع والنصوص عن الأئمّة عليهمالسلام.
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) ألهمها وقذف في قلوبها (أَنِ اتَّخِذِي) بأن اتّخذي لأنّ حذف حرف الجرّ قياس ، أو يكون مفسّرة لأنّ الإيحاء متضمّن لمعنى القول كأنّه : قائلا إن اتّخذي ، والتأنيث باعتبار المعنى أي الجماعة الكثيرة وإلّا فلفظة مذكّر (مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) من للتبعيض لأنّها لا تبنى في كلّ ما ذكر بل في بعض الجبال ، وبعض الأشجار ، وبعض ما سقّف به مثل الطين وقد يكتفى به من الكرم وسعف النخل ، وغير ذلك ، وفي ذلك البيوت إشارة إلى أنّ ما بنته مثل البيوت الّتي بناها الإنسان العاقل الكامل ، بل من تأمّل بيوتهم وما فيها يجد من حسن الصنعة وصحّة القسمة ما لا يقدر عليه حذّاق المهندسين إلّا بآلات وإنظار دقيقة ، ويحكم بأنّ فاعل هذا لا بدّ له من العلم ، وأنّه ليس الفاعل إلّا الله أو بإلهامه وهو ظاهر.
(ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) الّتي تشتهيها مرّها وحلوها (فَاسْلُكِي) ما