حيث قال إلّا ما روي أو أراد التأييد بالشهرة والكثرة كما قلناه ، وبالجملة وإن كان ظاهر الآية أن ليس حكمهما حكم ما فوقهما ، لا شكّ أنّ ظاهرها أن ليس حكمها حكم البنتين أيضا وهو ظاهر وقد اتّفق العلماء على أن لا حكم لهما إلّا حكم أحدهما فلا بدّ من ارتكاب خلاف ظاهر ، وإدخاله في أحدهما ، ولا شكّ أنّ إدخاله فيما فوقهما أرجح لما تقدّم.
(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) السدس مبتدأ وخبره (وَلِأَبَوَيْهِ) أي الميّت وهو مذكور معنى و (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا) بدل بتكرير العامل ، وفائدته فائدة التأكيد ودفع وهم أن يكون المراد كون السدس للمجموع ، ولو اقتصر على البدل فات فائدة التأكيد المراد من الإجمال والتفصيل ولو قال ولأبويه السدسان يتوهّم كونهما مختلفين ، والمراد بالميّت الولد الأوّل ذكرا كان أو أنثى ، وبالسدس سدس جميع ما ترك ، وإن ترك و (لَمْ يَكُنْ لَهُ) أي للميّت (وَلَدٌ) أصلا (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) ممّا ترك حذف بقرينة ما تقدّم فلها ثلث جميع ما ترك دائما لا ثلث ما بقي بعد حصّة الزوجة كما هو رأي الجمهور ، وكأنّ ما ذكرناه لا خلاف فيه عند أصحابنا.
وقال في مجمع البيان : هو مذهب ابن عبّاس وأئمّتنا عليهمالسلام وهو الظاهر من الآية ، وقيد الجمهور وورثه أبواه بفحسب ، فقالوا حينئذ يكون لها الثلث من جميع ما ترك وأمّا إذا كان معهما وارث آخر مثل الزوج فحينئذ لها ثلث ما بقي بعد حصّته كما فعل في الكشّاف والقاضي ، وذلك بعيد أمّا أوّلا فلأنّ التقدير خلاف الظاهر وأمّا ثانيا فلأنّه ما كان يحتاج حينئذ إلى قوله (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ) وأمّا ثالثا فلأنّه لم يفهم حينئذ ثبوت فريضة للأمّ مع وجود وارث غير الولد فكيف يكون لها ثلث ما بقي ، مع كون سدس الأصل وثلثه لها ، بل لا يوجد مثل الثلث والنصف إلّا بالنسبة إلى الأصل كما هو المتبادر.
فالحقّ مذهب الأصحاب مع قطع النظر عن إجماعهم ونقلهم عن أئمّتهم عليهمالسلام